أحرزت المملكة العربية السعودية أكبر تقدّم على مستوى العالم في مجال المساواة بين الجنسين منذ عام 2017، وتلعب الشركات دوراً هام لتحقيق المزيد من الترقية في هذا المجال ولاسيما في قطاع التكنولوجيا
بقلم: هايدي نصير، مدير أول مجموعة حلول العملاء في الشرق الأوسط وروسيا وأفريقيا وتركيا لدى «دِل تكنولوجيز«
ليس اختلال التوازن بين الجنسين مجرد تحدٍّ من بين التحديات التي اعتادت الشركات التغلب عليها، بل يمكن القول إنه أكبر تهديد يواجه جميع القطاعات اليوم. إنها مشكلة منتشرة في جميع أنحاء العالم، وتدرك الحكومات أكثر فأكثر ضرورة التصدي العاجل لها.
وقد أشار تقرير «المرأة والأعمال والقانون» الصادر عن البنك الدولي لعام 2020 إلى أن المملكة العربية السعودية أحرزت أكبر تقدّم على مستوى العالم في مجال المساواة بين الجنسين منذ عام 2017، حيث تم تصنيفها في المركز الأول باعتبارها الأكثر تحسناً وإصلاحاً من بين 190 دولة. ويتماشى هذا الإنجاز مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 لزيادة نسبة النساء في القوى العاملة من 22 في المائة إلى 30 في المائة.
حددت منظمة الأمم المتحدة تاريخ 11 أكتوبر من كل عام ليكون اليوم العالمي للفتاة، كمناسبة مكرسة لاستنهاض حقوق الفتيات وتمكينهن أينما وجدن. وبما أنني امرأة تعمل في قطاع التكنولوجيا الذي يهيمن عليه الرجال، وبصفتي عضو فعال في برامج تمكين النساء في المنطقة ولا سيما في قطاع التكنولوجيا، فإن هذا الموضوع مهم عندي. وقد اتضح لي من خبرتي على مرّ السنين، أننا نكسب نصف هذه المعركة إذا بدأناها من جيل الفتيات.
أين النساء والفتيات؟
على صعيد عالمي، يتلاشى تمثيل النساء على طول سلسلة الكفاءات؛ بدءاً بالتعليم المبكر والمدرسة الابتدائية وحتى التعليم العالي، ومن وظائف المبتدئين وحتى الإدارات والقيادات العليا. وتغادر النساء والفتيات هذه السلسلة حتى قبل أن تتاح لمواهبهن فرصة التطور. وقد أصبح لزاماً على الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا أن تتبنى التنوع والشمول إذا شاءت إبقاء النساء ضمن منظومة عملها. وهذا لا يعني فتح أبوب العمل للمزيد من النساء وحسب، بل يعني أيضاً إجراء تغيير جذري في ثقافة مكان العمل بحيث يشعرن بأنهن محل ترحيب وتقدير واحترام.
فكيف يمكن للشركات أن تُطبق الشمول، وتُحدث التغيير، وتُحوّل أكبر مصدر تهديد لقطاع التكنولوجيا إلى أكبر فرصة له؟ إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في جذب النساء والفتيات إلى منظومة عمل التكنولوجيا طوال مسارهن التعليمي والمهني. وفيما يلي بعض الطرق التي تساعد في تحقيق ذلك:
- إتاحة فرص جديدة لدراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات: تتفوق الفتيات على الفتيان في جميع أنحاء العالم في مجالين: معدلات أعلى في المرحلة الثانوية، ونسبة التحاق أكبر بالتعليم العالي. غير أن تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لا تزال خارج هذا الاتجاه، بسبب التحيزات الثقافية والنظرة الاجتماعية التي ترى أن هذه الاختصاصات ملائمة أكثر للرجال. ولذلك، يجب علينا مساعدة المبتدئات على بناء الثقة، وتنشئة مجتمع من الأفراد المتعاونين، والحرص على تشجيع التقدم من جانب أفراد الأسرة والمعلمين. ويجب ألّا نغفل تيسير الوصول إلى التكنولوجيا وخبرات الكمبيوتر، وتحقيق الربط بينهما. إن إتاحة هذه الفرص تسمح للشركات باحتضان خيرة الكفاءات، التي بدورها تحافظ على النمو اللاحق لهذه الشركات.
- إلغاء التحيز في التوظيف والعمل: تواجه النساء في سياق انضمامهن إلى القوى العاملة مجموعة عقبات تنشأ عن تحيزات لا واعية. ولهذا التحيز غير الواعي مسارات خفية، تظهر في اللغة الإقصائية التي تتضمنها إعلانات الوظائف أو في صبغة “الذكورة” و”الأنوثة” الملحقة بهذه المناصب من منظور ثقافي، وما يترتب على ذلك من أثمان باهظة.
- أهمية إعداد المشرفين والرعاة والقدوات: إن فتح مسار واضح أمام المرشحات ذوات الإمكانات العالية، والالتزام بتمثيل متنوع في الوظائف العليا للشركات يفتح الآفاق أمام الأخريات. ويمكن للشركات أن تستثمر في إعداد المشرفين، وأن تضع برامج تتيح للنساء فرصة اكتساب مهارات جديدة على يد مدربين مؤهلين. ورغم الأهمية التي ينطوي عليها الإشراف، فقد أثبتت الرعاية أنها عامل تغيير جوهري لأنها تضم النساء إلى شبكات المناصرين الذين سيدعمون تقدمهن في حياتهن المهنية، ويبادرون إلى ترشيحهن لشغل مناصب جديدة.
- تمكين النساء ليس كي يصبحن في مراتب القادة فحسب، بل في مراتب المؤسسين أيضاً: لا تكتمل الرحلة المهنية للنساء في مجال الكفاءة التكنولوجية إلا عندما يصبحن رائدات أعمال، ويبدأن بتأسيس شركات التكنولوجيا. وهذا يفرض علينا مكافحة أشكال التمييز الراسخة والعقبات المنتشرة في أنظمة التمويل ومنظومات العمل ورأس المال المغامر. إن صاحبات رأس المال المغامر يُفضلن غالباً توسيع فرص رائدات الأعمال، ليس من منطلق المحاباة، بل لأنهن أثبتن مراراً وتكراراً أنهن استثمار موثوق.
تقود الشركات هذا التغيير من خلال تحديد أهداف ملموسة للتنوع والشمول، وفي ظل تأسيس ثقافة داخلية تدرك التحيزات غير الواعية وتزيل الصورة النمطية للنساء. ويجب إخضاع القادة للمساءلة بشأن تحقيق الأهداف التي وضعوها، كما يجب الإعلان عن التقدم أو التقصير في هذا الشأن. وفي سياق تطلعنا إلى بناء سلسلة كفاءات ترافقنا حتى عام 2030 وما بعده، تتحمل المؤسسات والمستثمرون مسؤولية متساوية تماماً في تحديد مدى نجاحنا، الذي يعود في النهاية إلى التنوع والشمول.
لقد وضعت دِل تكنولوجيز أهدافاً طموحة لقياس تمثيل النساء، وتعهدت أن تُشكّل النساء نسبة 50٪ من قوتها العاملة العالمية ونسبة 40٪ من قادتها العالميين بحلول عام 2030. وإلى جانب قوتنا العاملة، فإننا نسعى أن تشكّل النساء والفتيات والفئات الممثلة تمثيلاً ناقصاً نسبة 50% من المستفيدين من برامجنا الخيرية خلال العقد المقبل. وللمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على الرابط: https://corporate.delltechnologies.com/en-me/social-impact.htm