بقلم: عبد الله السبيعي، مدير علاقات قطاع الدفاع لدى شركة «نوتانيكس»
لا شك أن الحوسبة السحابية أحدثت ثورة في عالم الأعمال. وفي عالمنا اليوم، تسعى كل مؤسسة للبحث عن طرق لتخزين البيانات بكفاءة أكبر، ودعم تطوير التطبيقات المرنة، وتقليل الأعباء المرتبطة بمراكز البيانات التقليدية. وعلى الرغم من أن الانتقال إلى الحوسبة السحابية أتاح فرصًا غير مسبوقة للابتكار، إلا أنه أضاف أيضًا بعدا جديدا من التعقيد وأحيانًا تكاليف غير متوقعة.
تتمتع المؤسسات اليوم بتعدد مراكز البيانات ومزودي الحوسبة السحابية العامة، كما أنها تستخدم مرافق استضافة مختلفة ومواقع طرفية متعددة. لذلك، تحتاج الشركات إلى النظر في عوامل متعددة مثل التكلفة، وإمكانية النقل، والأمن، لأن بياناتها لم تعد محصورة في مكان واحد.
يجب على المؤسسات التخطيط بعناية لاستراتيجياتها السحابية لتجنب الوقوع في فخ التعقيد أو ارتفاع التكاليف. ولكن في معظم الحالات هذه العملية ليست بهذه السهولة. تعتمد البنية التحتية لمعظم الشركات على بيئات مختلطة تجمع بين موارد الحوسبة السحابية العامة والتخزين التقليدي داخل المؤسسة. وهذا يضيف تحديات إضافية تتعلق بتكاليف وتعقيدات تنقل البيانات وحمايتها.، وإذا لم يتم التخطيط لتحرك البيانات وتنظيمها مسبقًا، فقد تجد المؤسسة نفسها في مأزق عندما تصبح مواقع البيانات الرئيسية غير متاحة.
حتى الشركات التي نشأت أعمالها مع الحوسبة السحابية تواجه تحدياتها الخاصة. قد يكون إدارة بيئات الحوسبة السحابية المختلفة أمرًا بسيطًا نسبيًا في البداية، ولكن إذا تطلب الأمر لاحقًا نقل البيانات إلى الخوادم المحلية لتلبية متطلبات الامتثال أو السيادة على البيانات أو الميزانية، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع التكاليف بشكل كبير إذا لم يتم التنفيذ بشكل صحيح.
إليك أربع نصائح يجب على مدراء تقنية المعلومات أخذها في الاعتبار للسيطرة على تعقيدات السحابة وتكاليفها منذ البداية:
1. ضع رأسك في السحابة ولكن قدميك على الأرض.
لتحقيق فوائد الحوسبة السحابية، يجب على المؤسسات ضبط توقعاتها والتخطيط بشكل واقعي. هناك اعتقاد خاطئ بأن الشركات يمكنها تشغيل تطبيق على AWS في الصباح، وعلى Azure في الظهيرة، وعلى Google Cloud Platform في الليل. في الواقع، الحوسبة السحابية المتعددة هي استراتيجية طويلة الأمد تحدث على مدار شهور أو سنوات. بناء نموذج تشغيلي للحوسبة السحابية بهذا الاعتبار يسمح للشركات بالاستفادة من مرونة الحوسبة السحابية المتعددة مع تجنب التكاليف والتعقيدات الناتجة عن محاولة فعل الكثير بسرعة كبيرة. عندما تكون التوقعات المناسبة موجودة، يصبح من الممكن تحقيق الحوسبة السحابية الهجينة المتعددة وبتكاليف معقولة ومفيدة بلا شك.
2. تعلم من تجارب الآخرين قدر الإمكان.
هناك العديد من الممارسات التي يجب أن تتبعها الشركات أثناء رحلتها نحو الحوسبة السحابية المتعددة. وتشمل هذه الممارسات ضمان أن تكون قدرات التطبيقات الأساسية مزودة بواجهات برمجية (API wrappers)، وتحويل التطبيقات الحديثة إلى حاويات (Containers) قدر الإمكان لتسهيل نقلها، وأتمتة عمليات نشر التطبيقات عبر CI/CD لتجنب الأخطاء اليدوية وتقليل التكاليف.
لقد مضى على وجود الحوسبة السحابية العامة ما يقرب من 15 عامًا، وأصبح تصميم التطبيقات لتناسب الحوسبة السحابية العامة مفهومًا جيدًا ومطبقًا على نطاق واسع في القطاع. ومع ذلك، يجب على الشركات أن تكون حذرة بشأن كيفية الاستفادة من الحوسبة السحابية العامة لبعض التطبيقات أو أعباء العمل. على سبيل المثال، قد يبدو تحديث مجموعة التطبيقات القديمة فكرة جيدة من الناحية النظرية، لكن في الواقع قد يكون ذلك مكلفًا للغاية ولا يوفر عائدًا على الاستثمار. في مثل هذه الحالات، يعتبر خيار “الرفع والنقل” (Lift and Shift) خيارًا أفضل للتعامل مع التطبيقات القديمة.
3. القياس، الأتمتة، والتفكير بحذر.
تختلف بيئات الحوسبة السحابية العامة جذريًا عن البنية التحتية التقليدية الموجودة داخل المؤسسة، لذا يجب على المؤسسات التعامل معها بشكل مختلف، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأمن. بينما قد يكون نموذج الحماية الخارجي المحصّن مع أعمال داخلية غير مقيدة مناسبًا في البيئات التقليدية، فإن تطبيق نفس النموذج في الحوسبة السحابية قد يؤدي إلى كارثة. تصبح الأساليب الأمنية القائمة على المضيف (Host-based Security) أكثر أهمية في الحوسبة السحابية العامة.
تساعد الأتمتة والتوحيد القياسي على ضمان تطبيق التدابير الأمنية باستمرار عبر جميع موارد وخدمات الحوسبة السحابية داخل المؤسسة، كما تقلل من الوقت اللازم لاكتشاف السلوكيات غير المصرح بها. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المؤسسات النظر في الجوانب غير التقنية لهذه المسألة: التدريب والتعليم للأشخاص. من الضروري أن يكون جميع الأشخاص والأقسام على نفس المستوى من الوعي بالأمن ليتمكنوا من التعاون بفعالية في المبادرات المتعلقة بالأمن.
4. قم ببناء خيارات مرنة منذ اليوم الأول.
تُعد الحوسبة السحابية العامة المكان الأفضل للبدء في الابتكار. وبالرغم من قيام الشركات بتجربة الحوسبة السحابية العامة واكتساب مجموعة صغيرة من التطبيقات زخماً، يجب على المؤسسات التكيف مع حقيقة أن الحوسبة السحابية العامة ستكون دائمًا أكثر تكلفة بالنسبة لمعظم التطبيقات مقارنة بتشغيلها داخل المؤسسة (أو ربما حتى على حوسبة سحابية أخرى).
لتجنب الاعتماد الكامل على مزود واحد، يجب على الشركات بناء خيارات مرنة تتيح نقل موارد الحوسبة عند الحاجة، بالإضافة إلى وضع آلية لنقل البيانات خارج الحوسبة السحابية العامة عند الضرورة. يمكن للمؤسسات التي تمتلك خبرات قوية في هندسة الحوسبة السحابية لتنفيذ ذلك بنفسها، لكن الغالبية العظمى ستحتاج إلى منصة أساسية مصممة خصيصًا لحركة البيانات وتنقل الحوسبة السحابية.
إن مزايا وجود منصة واحدة لتشغيل جميع أحمال العمل عبر الحوسبة السحابية المختلفة، والخوادم المحلية، ومواقع طرفية لا يمكن إنكارها: بدءًا من زيادة المرونة، وتحسين الأداء، والامتثال، والسرعة، وغير ذلك الكثير. من خلال اتباع النصائح السابقة، يمكن للشركات تقليل تحديات الحوسبة السحابية المتعددة، مثل التعقيد والتكاليف غير المتوقعة، إلى أدنى حد وتعزيز الابتكار.