بقلم سيلينا بيبر، المدير الإقليمي الأول لمنصة GoDaddy في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا
رغم أن التحول الرقمي كان الهدف الأساسي التي سعت إليه مختلف الصناعات العالمية على مدار العقد الماضي، فقد شهدت تطبيقات التكنولوجيا الرقمية تطوراً هائلاً، في ظل الحاجة الملحة إليها وانتشارها، نتيجة للظروف التي رافقت انتشار جائحة “كوفيد-19” الحالية. وأضحى أفراد المجتمع في جميع أنحاء العالم يعتمدون أكثر من أي وقت مضى، على الإنترنت لإكمال المهام اليومية بغض النظر عن المنطقة الجغرافية أو العمر أو الجنس.
عند التفكير في تنبي الإنترنت والتقنيات الرقمية، يمكننا تشبيهه بنظرية “نشر الابتكارات” التي وضعها إيفرت روجرز عام (1962) فيما يتعلق بتطوير المنتجات الجديدة. يشكل الأشخاص المتمرسون في مجال التكنولوجيا، ومنهم مصممو الويب والمطورون والمهندسون وجيل الألفية، الجزء الأكبر من الأشخاص الأوائل الذي اعتمدوا هذه التقنيات، ولكن في الوقت الحالي، فإن هذه المجموعة تشمل الأشخاص من جميع الأعمار والذين يعملون في قطاعات متنوعة، حيث يشكلون الآن الغالبية العظمى التي يتعين عليها تعلم التقنيات والمهارات التقنية للاستفادة من هذه الأدوات والمنصات الجديدة.
وفي هذا الصدد، فهناك فرصة للتماشي مع هذه الظروف العالمية الجديدة، في المنطقة عندما ننظر إلى عدد مستخدمي الإنترنت الناطقين باللغة العربية مقابل عدد الشركات العربية عبر الإنترنت. ومن خلال سد هذه الفجوة عن طريق إطلاق أدوات باللغة المحلية، يمكن لمزيد من الشركات المحلية الاستفادة من الإمكانات الحالية عبر الإنترنت.
ومع ذلك، فإن التحدي المتمثل في دعم موقع ويب عربي يتوزع على قسمين. أولاً، هناك طبقة من التعقيد عندما يتعلق الأمر بتقارب التكنولوجيا، وخاصة لغات المطورين واللغات المحكية. وفي الأساس، يحتاج عالم البرمجة إلى معيار لغة للتواصل وتطوير “الكود”. هذه اللغة الافتراضية هي الإنجليزية. في حين أن هذا مناسب لمعظم الأشخاص، إلا أنه يعني أيضاً أن غالبية البرامج والحلول والأدوات قد تم تطويرها باللغة الإنجليزية باستخدام الأبجدية اللاتينية. وقد جعل هذا تمكين موقع ويب بلغة من اليمين إلى اليسار تحدياً من منظور التطوير والمحتوى.
ثانياً، من وجهة نظر المحتوى، كانت اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى المستخدمة، حيث عمل أولئك الذين يتحدثون اللغة على إنشاء الإنترنت. ونظراً لأن المستخدمين الأوائل في هذه الأسواق يتحدثون الإنجليزية، فقد تم إنتاج محتوى بهذه اللغة عبر شبكة الويب العالمية. ووصولاً إلى عام 2020، فقد أصبحت اللغة العربية رابع أكثر اللغات استخداماً على الإنترنت، وهذا ما يبرز الحاجة إلى تقديم محتوى أفضل وإطلاق مواقع الكترونية باللغة العربية المحلية لهذا الجمهور المتزايد.
في ظل ذلك، فإن تقديم أداة إنشاء مواقع الويب باللغة العربية وأداة المتجر الإلكتروني يعد أمراً مهماً بالنسبة لما يحتاجه المستخدم. من خلال إتاحة الأدوات عبر الإنترنت باللغة الأم لمستخدمي الإنترنت، فإننا نزيل حاجز اللغة، الأمر الذي يتيح في الوقت ذاته لأصحاب الأعمال العرب إمكانية الوصول إلى الحل اللازم للتغلب على حاجز اللغات المحدودة المتاحة في تطوير التكنولوجيا. وبالنسبة للعملاء، فقد يشعرون براحة أكبر في التعامل مع شركة لها موقع ويب بلغتهم العربية الأم.
ومن خلال امتلاك القدرة على إنشاء موقع إلكتروني ونشره باللغة العربية، فضلاً عن بيع المنتجات وتوفير الخدمات باللغة العربية، فإن هذا يمكّن الشركات المحلية من الاتصال بالإنترنت، ويسمح لها بتنفيذ الأعمال التجارية والتفاعل مع العملاء بلغتهم الأم، من البداية إلى النهاية. بالنظر إلى مشاركة المحتوى عبر الإنترنت، فإن نشر المزيد من المواقع باللغة العربية يعني أنه سيكون هناك المزيد من المعلومات والنصائح المتاحة باللغة الأم للمنطقة. بالإضافة إلى توفر مجموعة كبيرة من الخدمات والمنتجات التي ربما لم تكن متوفرة سابقاً في المنطقة المحلية للعميل.
نحن في GoDaddy، نسعى إلى تمكين رواد الأعمال والشركات الصغيرة في جميع أنحاء العالم من خلال توجيههم في رحلتهم عبر الإنترنت وإدراك أن القدرة على إطلاق الزايا/ والفوائد التي يمكن تحصيلها من العالم الرقمي تتطلب غالباً بعض الدعم والمشورة والتوجيه. وبالاعتماد على أداء إنشاء مواقع الويب باللغة العربية، فقد أصبح من السهل على الشركات الاتصال بالإنترنت. بالإضافة إلى الاستفادة من المحتوى المحلي والدعم المتاح، وتقديم المعرفة للعملاء في الوقت ذاته، فإنهم يحتاجون إلى التخطيط لانتشارهم على الإنترنت وتطويره وتسويقه وتوسيعه باللغة العربية.
ومن خلال قيامنا باستقطاب أعداد أكبر من المستخدمين الناطقين باللغة العربية إلى عالم الإنترنت، فإننا نجمع أيضاً البيانات الكمية والنوعية التي تتيح لنا تكوين رؤية حول العادات والاحتياجات والسلوكيات التي تميز المستخدمين الناطقين باللغة العربية. وتساهم هذه الأمور معاً في إنشاء إنترنت أكثر شمولاً وتوفير مجموعة من الأدوات عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم.
قال تيم بيرنرز لي، مخترع شبكة الويب العالمية، ذات مرة: “شبكة الإنترنت لا تربط الأجهزة فقط، إنها تربط الناس”.
ومع تواصل أعداد أكبر من أفراد المجتمع في جميع أنحاء المنطقة عبر الإنترنت، وهو عامل كان الوضع العالمي الحالي يشكل حافزاً له، ستتطور إمكانات النمو الاقتصادي. ومن خلال زيادة إمكانية الوصول، فسيكون هناك المزيد من الأمثلة والقصص الملهمة على أمل أن تحذو حذوها أعداد أكبر من الشركات. ومن ناحية أخرى، ونظراً لأن المزيد من الشركات ورجال الأعمال تمتلك الثقة ولا تخاف من التجربة، فيمكنها التعرف على القيمة التي يمنحها التواجد على الإنترنت، ويساعدها على تطوير أعمالها.
أخيراً، ومع تطلعنا إلى مستقبل التحول الرقمي، فإننا نحتاج إلى النظر إلى مقدار التغيير في هذا المشهد. وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان يُنظر إلى مواقع الويب على أنها امتداد عبر الإنترنت لهوية العلامة التجارية للشركة، ولكن في الوقت الحالي، فقد أضحى الموقع الإلكتروني على الإنترنت يمثل مكوناً يعتمد على وجود أوسع عبر الإنترنت واستراتيجية تسويق رقمية.
أنا أثق أنه من خلال التحسينات المستمرة في التخصصات التكنولوجية، والإعلان ذي الجودة العالية، والمحتوى الجيد، سيتحقق التواصل بين المستهلكين والأعمال التجارية التي يحتاجون إليها، وهذا ما يساهم في النمو الاقتصادي العام ورفع مستوى الكفاءة.