ثمة دهشة ترافق المتتبع لتراث المملكة وحضارتها، وما يحمله هذا التاريخ من تفاصيل وإرث ثقافي بدأ منذ ٩٠٠٠ سنة في هذه الأرض المباركة كما بينته الأحافير المكتشفة في بلادنا الغالي والذي أثبتت أقدم صقارة بدأت، مما دفع المملكة العربية السعودية إلى العناية بها وتوثيقها وتنظيمها عبر خططها التنموية ورؤيتها الاستراتيجية الطموحة 2030، التي تهتم بتطوير جوانب الحياة المختلفة العلمية والاقتصادية والترفيهية والثقافية، ورسمت لها معالم واضحة عملت من خلالها على تلبية متطلبات أبناء هذا الوطن وتطلعاتهم المستقبلية.
ولما تشكله الصقور كرمز من رموز الحضارات البشرية التي تعاقبت على الكرة الأرضية، لاسيما في الجزيرة العربية، ولدورها المفصلي في الحفاظ على التراث الوطني جاء الأمر الملكي الكريم القاضي بإنشاء ناد للصقور، يهدف إلى المحافظة على هذا التراث الضارب في عمق التاريخ، ويحظى بمكانة كبيرة لدى العرب، إذ يحمل على عاتقه أيضاً نقله للأجيال القادمة.
ارتباط تاريخي
جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – ذو الرقم: أ / 298 بإنشاء ناد للصقور انطلاقاً من الارتباط التاريخي للصقر بتراث وثقافة المملكة، ولأهمية رعاية الصقور والمهتمين بها بإيجاد رابطة تجمعهم.
يأتي ذلك في وقتٍ تعد فيه أعداد الصقور والصقارة في السعودية هي الأكثر على مستوى العالم يقتنيها عدد كبير من الصقارين والمهتمين بها الأمر الذي دعا الحكومة السعودية إلى إنشاء نادٍ للصقور، للاهتمام بهذا الموروث، بإشراف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
أهداف مختلفة
يحمل نادي الصقور على عاتقه جملة من الأهداف، إذ تتضمن استراتيجيته المحافظة على التراث الوطني الأصيل، وغرسه في نفوس شباب الوطن، من خلال المشاركة والتواجد في مثل هذه الفعاليات وترسيخ قيم ومفاهيم ثقافية وبيئية واقتصادية تسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، بالإضافة إلى الحفاظ على الصقور والصيد بها كتراث، ارتبط بحياة الآباء والأجداد.
كما يرمي النادي إلى إيجاد رابطة تجمع الصقارين للمحافظة على التراث التاريخي والتقاليد المرتبطة بثقافة الصيد بالصقور وتربيتها وحماية بيئتها والصيد بشكل مستدام.
دور مفصلي
إن هذا الدعم السخي الذي تقدمه القيادة السعودية لدعم هذا النوع من المشروعات الثقافية، والتي تثمر عن نهضة شاملة ومنجزات تنموية كبيرة، تسهم في إعلاء التراث السعودي وصونه والحفاظ على مسيرته التاريخية، وتعزيز تفاعل أجيال الحاضر بمفاهيمه.
وبحسب الأهداف التي حددها النادي، فإن هناك علامات فارقة تميز الشعوب والدول عن بعضها البعض، وفي منطقة الجزيرة العربية تتمتع شعوبها بمجموعة كبيرة من الإرث التاريخي والتراثي الذي يميزها عن باقي شعوب العالم، ليظل الصيد بالصقور إحدى هذه العلامات التي ترمز للفخر والثقة والعادات العربية الأصلية والتي بدأ الناس بممارستها منذ ٩٠٠٠ سنة في هذه البلاد، ومن هنا جاء نادي الصقور، الذي يعكس تطلعات وحب أبناء الوطن ويصقل تجاربهم في رحلة الصيد بالصقور.
يشبع شغف السعوديين
سيشبع النادي الفتيّ في سنوات عمره شغف السعوديين الحقيقي في هواية الصيد بالصقور بشكل مستدام، من خلال خدمة المهتمين بالصقور الذين ورثوا هذه الهواية وهذا العشق الأزلي من الآباء والأجداد، وما اهتمام الدولة بهذا الموروث إلا خدمة لهم، وجهود النادي تغرس هذه الثقافة في جيل الشباب، من أجل الاعتزاز بالهوية الوطنية.
وفي السياق ذاته، يؤصل نادي الصقور من خلال المعارض والفعاليات التي يقيمها تنوع الطبيعة الجيولوجية في السعودية وبامتلاكها لسلالات مميزة من الصقور بين جبالها وما يعبر صحرائها الرملية مما توفر ظروف مناسبة لتواجد ولعبور الصقور عبرها، كما تؤصل هذه المعارض لممارسة هواية الصيد المستدام، وكل ما يخص هواية الصقور من أدوات الصيد المستخدمة والعلاجية والتاريخية والثقافية والعلمية والطبية.