نشرت IRU دراسة جديدة تسلط الضوء على أهمية الابتكار في قطاع النقل الطرقي. وقد تم إجراء هذا الاستطلاع الكمّي على شبكة الانترنت شاركت فيه 450 شركة نقل في العالم بما في ذلك منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.[1] وفي ظل التقلبات الجغرافية – السياسية والاقتصادية، سيصبح الابتكار التكنولوجي مفتاح التصدي للتحديات التي يخبئها مستقبل قطاع النقل الطرقي في بلدان مجلس التعاون الخليجي. وسيكون هذا الموضوع على رأس جدول أعمال المؤتمر العالمي لمنظمة IRU، وهي حدث عالمي جديد يُعنى بالنقل والشؤون اللوجستية والتنقل وسيفتح أبوابه هذا الأسبوع في العاصمة العُمانية، مسقط.
ويستند الاستطلاع السريع الذي أُجري على مستوى عالمي على بيانات الردود التي قدمتها الشركات في مختلف أنحاء مجلس التعاون الخليجي وأوروبا وآسيا. وترى معظم شركات النقل المشاركة في الاستطلاع والموجودة في منطقة مجلس التعاون الخليجي بنسبة (57%) أن التقلبات الجغرافية والسياسية تمثل الخطر الأكبر الذي يهدد تقدمها. علاوة على ذلك، ترى هذه الشركات في التكنولوجيا والابتكار السبيل الأمثل لتجاوز التحديات وضمان مستقبل القطاع.
ويتوقع أكثر من ثلاثة أرباع (82%) شركات النقل في دول مجلس التعاون الخليجي التي شاركت في الاستطلاع أن تصبح الشاحنات ذاتية القيادة خياراً مجدياً في النقل الطرقي خلال العقد المقبل. وفي هذا السياق، يحث IRU ، خلال افتتاح هذا المؤتمر العالمي قطاع النقل الطرقي على معالجة البنية الأساسية الرقمية للنقل للتمكن من الاستفادة الكاملة من التشغيل الآلي وغيره من الابتكارات.
وعلق الأمين العام لمنظمة IRU، آمبرتو دي بريتو، قائلا: “تؤثر منظومة النقل في على حياة كل شخص من بين السبع مليار نسمة في العالم، بدءا من الطعام الذي نتناوله وصولا إلى السلع الاستهلاكية التي نشتريها. وبالتالي ليس من المستغرب أن الكثير من نفس المشاكل التي تعاني منها مجتمعاتنا اليوم تعتبرها شركات النقل أيضا أكبر التحديات التي تعترضها. ومن بينها محاور تُهيمن على الساحة العالمية اليوم على غرار الأوضاع الجغرافية- السياسية والتجارة والبيئة.”
التكنولوجيا من أجل ضمان مستقبل يتسم بالأمن والنجاح والاستدامة
تقر شركات النقل بأن إحراز التقدم في مجال التكنولوجيا والابتكار سيكون مفتاح تحقيق الأمن والنجاح والاستدامة في القطاع مستقبلاً. وترى شركة من بين ثلاث شركات نقل تقريباً (36%) في بلدان مجلس التعاون الخليجي أن تحسين السلامة سيكون أهم مجال متاح للابتكار (وهو نفس الانطباع الذي أبدته بقية الشركات في العالم). كما بيّن الاستطلاع أن الشركات في المنطقة تتطلع إلى أن تزيد التكنولوجيا من الإنتاجية وتساعد متعهدي النقل على العمل على نحو أكثر استدامة ومراعاة للبيئة، في حين ذكرت شركة من بين خمس شركات نقل أهمية التشغيل الآلي.
وفيما يتعلق بالسلامة، أعربت الشركات في بلدان مجلس التعاون الخليجي عن تحمسها بشكل خاص إزاء فُرص مساهمة الابتكار في تعزيز السلامة أثناء القيادة (91%). كما أبدت حماسها إزاء إرساء منظومات نقل ذكية بإمكانها أن تحد من الظروف الصعبة المحيطة بالقيادة وإتاحة الفرص لتحسين تنظيم الرحلات للسائقين. كما أعربت 83% من الشركات في منطقة مجلس التعاون الخليجي عن اهتمامها بقدرة التكنولوجيا على تحسين تواصل السائقين وبلورة روح جماعية فيما بينهم.
وترى 82% من الشركات في بلدان مجلس التعاون الخليجي أن كلا من المنصات الرقمية الجديدة للعربات وأنظمة التحكم الآلي عن بعد على متن العربات (79%) يُمكنان التكنولوجيا من المساهمة في تعزيز الإنتاجية. وفيما يتعلق بتأثير التكنولوجيا على ممارسات تعزيز الاستدامة ومراعاة البيئة، تكمن أهم الفرص في مجال فعالية المحركات (89%) وإزالة الكربون من النقل (79%) وتعزيز النقل متعدد الوسائط (75%).
وأعربت شركات النقل في الواقع عن تفاؤلها الشديد إزاء المدة التي سيتطلّبها اعتماد التشغيل الآلي، حيث تتوقع 82% من شركات النقل أن الشاحنات ذاتية القيادة ستصبح خياراً مجدياً في غضون العقد المقبل، وترى 35% من بين نفس هذه الشركات أن التشغيل الآلي سيصبح واقعاً ملموساً على طرقاتنا في غضون السنوات الخمس القادمة. وترى شركات النقل في مختلف أنحاء العالم أن أكبر فائدة ستتحقق من وراء استخدام التشغيل الآلي تتمثل في تعزيز الانتاجية (50%)، وثاني أكبر فائدة هي المساعدة على الحد من التكاليف (19%).
تجاوز العقبات في مجال النقل الطرقي للمرور إلى العالم الرقمي
يستمر وجود العراقيل أمام اعتماد التكنولوجيا حيث أفادت شركات النقل في منطقة مجلس التعاون الخليجي بأن هناك قصوراً في فهم النطاق المتاح لاستخدام التكنولوجيا (62%) وترى 57% منها أن الإشكال يكمن في نقص التدريب على تعزيز هذه المهارات في صفوف العاملين في قطاع النقل في حين ترى 53% منها أن العائق يتمثل فيما يتطلّبه هذا التحول من استثمار على أعلى المستويات.
ويعني ذلك أنه ما يزال يتعين على أقسام من هذا القطاع أن تتبنى تكنولوجيات وعمليات جديدة، وأنه يجب بذل جهد أكبر لتصحيح البنية الأساسية الرقمية للقطاع قبل المرور إلى زيادة فاعلية الابتكار التكنولوجي على أحسن وجه.
الاستعداد لعالم التشغيل الآلي
في نفس السياق، ترى عدة شركات نقل في منطقة مجلس التعاون الخليجي أن استخدام الشاحنات ذاتية القيادة أصبح قاب قوسين أو أدنى، ولكن الواقع يُبين أنه لا بد من بذل المزيد من الجهد قبل أن تصبح هذه الشاحنات خياراً يضمن شرط السلامة والأمن والاستدامة على طرقاتنا.
وفي حين تتزايد موجة التطور التكنولوجي أكثر من أي وقت مضى، فإن هذا التطور لا يزال عرضة للتعثر بسبب نقص الاستثمار اللازم في البنية الأساسية.
وعلق المدير التنفيذي لـ IRU، السيد بوريس بلانش قائلا: “لا شك في أن الشاحنات ذاتية القيادة ستُغير في نهاية المطاف وجه قطاع النقل، وتساهم في تعزيز الإنتاجية وتحسين ظروف عمل السائقين. ولكن لن يقع التخلي في أي وقت من الأوقات عن السائقين في المستقبل، بل على العكس على القطاع أن يستمر في تشجيع المزيد من الأشخاص للانضمام لهذه المهنة. ويُشترط اعتماد هذه التطورات على نحو ملائم ومسؤول عبر الزمن كما على جميع الأطراف المعنية في القطاع أن تبدي تعاونا كاملا.”
وأضاف السيد أومبرتو دي بريتو قائلا: “لكي تُعمم التكنولوجيا ولكي يستفيد منها القطاع خير استفادة علينا أن نضمن وجود الأسس اللازمة لذلك. وبالتالي علينا أولا أن نرسي أُسساً صحيحة مثل رقمنة الوثائق وتحسين القدرة على تتبع مسار العمليات والأمن والكفاءة. وعلينا أن نبذل جهدا أكبر لتحقيق ترابط أوثق بين المتعهدين ومزودي الخدمات والمُصنعين والحكومات لتهيئة مناخ ملائم للابتكار والرقمنة”.
واستطرد: “كما علينا أن نحث الجهات المعنية على سن التشريعات ووضع السياسات التي تشجع كل المتعهدين على الاستثمار في التكنولوجيات التي تساعد على تحويل هذه الابتكارات من الاستثناء إلى القاعدة. ويقضي دورنا في IRU بدعم قدرات قطاع النقل وتعزيز هذا التعاون لتمكين كل المتعهدين في القطاع من اقتناص الفرص الذهبية التي يتيحها هذا القطاع.”