أشارت الدراسة العالمية السنوية الثالثة لمؤسسة إنفسكو حول استثمار العوامل أن مستثمرين مؤسسيين ومستثمري جملة يتجهون بشكل متزايد إلى اعتماد توزيعات استثمارية قائمة على العوامل كجزء من محافظهم الاستثمارية. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه حيث يخطط نحو ثلاثة أخماس المستثمرين (64٪ من المستثمرين المؤسسين و56٪ من المستثمرين بالجملة) لزيادة توزيعاتهم في استثمار العوامل بحلول عام 2021.
وشملت الدراسة إجراء مقابلات مع أكثر من 300 مستثمر بيع بالجملة ومستثمر مؤسسي مع أصول خاضعة للإدارة يبلغ مجموعها أكثر من 19 تريليون دولار.
ويعتبر الأداء الصافي الأفضل هو المحرك الرئيسي لقيام المستثمرين بزيادة التوزيعات الاستثمارية، تليه كفاءة التكلفة واثنان من أبعاد تخفيف المخاطر.
وفي حين يميل مستثمرون عالميون إلى زيادة توزيعاتهم في مجال استثمار العوامل على مدى السنوات الثلاث القادمة، إلا أن هذا الاتجاه أكثر انتشارًا بين مستثمري العوامل في منطقة آسيا المحيط الهادئ، حيث عبّر أكثر من ثلاثة أرباع (77٪) المشاركين في الاستبيان عن عزمهم زيادة توزيعات استثمار العوامل، مقارنة مع 57٪ في أوروبا و54٪ في أمريكا الشمالية.
وفي هذا السياق، قال جورج إلسايسر، كبير مديري المحافظ والاستراتيجيات الكمية في شركة إنفسكو: “إن التقدم في مجال استثمار العوامل يدفع باتجاه تغيير هيكلي داخل الصناعة، مما يخلق ركيزة ثالثة في عالم الاستثمار، تتميز عن القيمة السوقية الموجبة أو المرجحة السالبة. ويرى المستثمرون، سواء مستثمرو الجملة أو المستثمرون المؤسسيون، أن استثمار العوامل هو مهارة متميزة تتطلب خبرة محددة بدلاً من الخبرة العامة الموجودة لدى الفريق الداخلي”.
وأضاف إلسايسر: “أظهرت دراستنا أن استثمار العوامل أصبح المصطلح الأكثر تفضيلاً لفلسفة وممارسة الاستثمار المنهجي. وتوجد مصطلحات أخرى شائعة الاستخدام، مثل smart beta وactive quant ولكنها أدنى مستوى في التسلسل الهرمي، حيث تشير العبارات المتعلقة بالمنتج إلى أنواع مختلفة من استراتيجيات العوامل”.
من جانبها، قالت زينب الكفيشي، مديرة الأعمال المؤسسية في الشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة إنفسكو : “أدى تقلب أسعار النفط والرياح المعاكسة في الاقتصاد العالمي إلى دفع مستثمرين إقليميين إلى البحث عن فهم أفضل لمحركات المخاطرة والعائدات في محافظهم الاستثمارية. وقد بتنا الآن نشهد شهية متزايدة لاستثمار العوامل في منطقة الخليج، حيث تعتمد صناديق ثروات سيادية على الاستثمار القائم على العوامل لمراقبة أو إنشاء محافظ، سعيًا منها للحصول على عائدات أفضل معدّلة من حيث المخاطر”.
هذا ولا تزال عوامل النمط أكثر مجموعة من العوامل استخدامًا، حيث تظل القيمة هي الأكثر أهمية (78٪ من مستثمري العوامل)، يليها انخفاض معدل التذبذب (62٪)، وهناك بعض الاختلافات الإقليمية الهام، حيث يعتمد مستثمرو العوامل في أوروبا بشكل أقل على عامل القيمة مقارنة بالمتوسط العالمي، بينما نجدهم أكثر استخدامًا لعامل العائد المرتفع. ويفضل المستثمرون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ عاملي القيمة والجودة، في حين يفضل مستثمرو أمريكا الشمالية عاملي القيمة والحجم.
الصناديق المتداولة في البورصة هي الأداة المفضلة لمستثمري العوامل
قامت الدراسة في هذه النسخة بالنظر إلى كيفية تفضيل المستثمرين لتطبيق استراتيجيات العوامل الخاصة بهم. وبالنسبة لاستراتيجيات smart beta، فمن الواضح أن الأدوات المتداولة في البورصة مثل الصناديق المتداولة هي الأداة المفضلة لمستثمري العوامل (51٪)، يليها بمسافة جيدة التفويضات المنفصلة (23٪) وأنواع أخرى من الأدوات المجمعة (6٪).
ويعد المستثمرون الأوروبيون الذين يستخدمون استراتيجية Smart Beta مستخدمين متعطشين لصناديق الاستثمار المتداولة والمنتجات المماثلة (55٪)، كأقرانهم في أمريكا الشمالية (59٪).
من ناحية أخرى، يميل المستثمرون في منطقة آسيا المحيط الهادئ في الوقت الحالي بشكل أكبر نحو التفويضات المنفصلة (63٪)، مما يعكس الحجم الأكبر لمحافظهم وتوزيعاتهم لاستثمار العوامل، بالإضافة إلى المستوى الأقل من التوافر المحلي للمنتجات المتداولة في البورصة.
تجربة إيجابية
على الرغم من أن العديد من مستثمري العوامل هم من الذين تبنوا هذا النهج في فترة حديثة نسبيًا، إلا أن الغالبية العظمى تتحدث عن تجربة إيجابية مع هذا النهج، حيث أنه تجاوز التوقعات بالنسبة لقسم كبير منهم. وعلى سبيل المثال، وجد أكثر من نصف مستثمري البيع بالجملة (53٪) أن توزيعات Smart Beta، وهي منهج قائم على قواعد شفافة لبناء مؤشر، قد تجاوزت التوقعات مقارنة بالمنتجات السالبة مع أداء إضافي بنسبة 40٪ جاء متماشيًا مع التوقعات.
وعند المقارنة بالأداء المرتبط بمنتجاتهم الموجبة، ذكر ربع (25٪) المستثمرين المؤسسيين المشاركين في الاستبيان أن توزيعات Smart Beta فاقت توقعاتهم.
وقد أظهرت الدراسة نتائج مماثلة أو حتى أفضل عند مقارنة أداء استراتيجية active quant، وهي استراتيجية عوامل تتضمن إمكانيات أكثر دقة على صعيد المخاطر والعائدات. وقد عبر حوالي ثلث (33٪) المستثمرين المؤسسيين المشاركين في الاستبيان أن هذا النوع من استثمار العوامل قد تجاوز توقعاتهم مقارنة باستراتيجية Active التقليدية.
إلى ذلك فقد كانت تجربة العوامل أكثر إيجابية بالنسبة لأولئك الذين يعتبرون أنفسهم مستثمرين أكثر تطوراً واحترافًا. فعلى صعيد المؤسسات ذات الخبرة، تجاوز استثمار العوامل التوقعات بالنسبة لأكثر من خُمسي (41٪) المشاركين في الاستبيان، وأكثر من 20٪ من مستثمري الجملة المحترفين.
تلبية المتطلبات البيئية والاجتماعية والحوكمة
أبرزت دراسة هذا العام موضوعًا جديدًا نسبيًا يتمثل في استخدام توزيعات العوامل لتلبية المتطلبات البيئية والاجتماعية والحوكمة للمحفظة الاستثمارية. ويعتقد حوالي نصف (47٪) المستثمرين المؤسسيين أن استثمار العوامل يمكن أن يلبي تلك المتطلبات، ويشاركهم الرأي أكثر من ثلث (38٪) مستثمري البيع بالجملة. ويعد استخدام استراتيجيات العوامل لتلبية المتطلبات أكثر شيوعًا عند المستثمرين المؤسسيين المتطورين، حيث يرى 60٪ منهم تطبيقات بيئية واجتماعية وحوكمية محتملة لاستراتيجيات العوامل.
وأضاف جورج إلسايسر: “إن رؤية مستويات هامة من الدعم لتطبيقات أكثر تقدمًا مثل المتطلبات البيئية والاجتماعية والحوكمة هو أمر مشجع للطلب طويل المدى على استثمار العوامل. وعلاوة على ذلك، فإن لهذا الاعتقاد صدى لدى كل من المستثمرين المؤسسيين ومستمري البيع بالجملة.”
واختم إلسايسر بالقول: “منذ إجراء دراستنا الأولى قبل ثلاث سنوات، شهدنا نموًا سريعًا لاتجاه استثمار العوامل. وعلى الرغم من أن بعض المستثمرين يتمتعون بخبرة طويلة في استراتيجيات العوامل، إلا أن العديد من مستخدمي هذه الاستراتيجيات لا يزالون حديثي العهد نسبياً بها. ومع تزايد خبرة وتطور مجموعة مستخدمي هذه الاستراتيجيات في مختلف أنحاء الصناعة، فإننا نتوقع أن نشهد توحيدًا لهذه الاتجاهات. وسوف تستمر التوزيعات الاستثمارية في استراتيجيات العوامل في الارتفاع مقارنة بالتوزيعات الأخرى، مما يعزز تطورها من مجرد استراتيجية معقدة وتجريبية إلى ركيزة استراتيجية ثالثة جنبًا إلى جنب مع أنماط الإدارة السالبة والموجبة المألوفة”.