تحتاج الشركات في المملكة العربية السعودية إلى موائمة أسلوبها في إدارة المواهب لمواكبة المشهد التقني سريع التغيّر في المملكة، وذلك وفقاً لدراسة جديدة أعدتها مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس” لصالح شركة “إس إيه بي”.
ويتزايد الإنفاق على تقنية المعلومات في المملكة بمعدلات أسرع من كافة دول الشرق الأوسط وأفريقيا، وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة “آي دي سي” للأبحاث بعنوان “الأسواق الرأسية في السعودية وتوقعات الإنفاق التقني 2013-2017”. ومن المتوقع، وفقاً للتقرير، أن يصل الإنفاق التقني في المملكة إلى 14.2 مليار دولار في العام 2017 مقارنة بـ 11.5 مليار دولار متوقعة في العام 2014، في وقت يزداد إقبال الشركات على التقنيات الناشئة، مثل البيانات الكبيرة والتحليلات، والحوسبة التنقلية، والحوسبة السحابية وشبكات التواصل الاجتماعي.
ونتيجة لهذه المعطيات، أصبحت الشركات في المملكة تسارع إلى إعداد موظفيها لمواكبة المتطلبات التقنية في المستقبل.
فوفقاَ للدراسة العالمية التي قامت بها “أكسفورد إيكونوميكس” وشركة “إس إيه بي” بعنوان “القوى العاملة 2020” والتي استطلعت آراء 5,400 من المدراء التنفيذيين والموظفين في 27 دولة، قال 60% من المشاركون من السعودية أن السوق السعودية ستكون بحاجة إلى خبراء تحليل بيانات في غضون الثلاث سنوات القادمة، بينما أشار 44% من المستطلعة آرائهم أن وجود مهارات في الحوسبة السحابية ستكون مهمة خلال الثلاث سنوات المقبلة. ووفقاً للدراسة ذاتها، اتضح أن فقط ربع الموظفين في الشركات لديهم سبل استخدام أحدث تقنيات كالحوسبة النقالة وقنوات التواصل الاجتماعي .
ومن المرجح أن يتضاعف النفاذ الى أحدث التقنيات خلال السنوات الثلاثة المقبلة، مما سيتماشى مع تزايد الإنفاق على تقنية المعلومات في المملكة.
وقال أحمد الفيفي، المدير التنفيذي لشركة “إس إيه بي” بالسعودية، إن التقنيات الحديثة كالحوسبة السحابية والحوسبة التنقلية والبيانات الكبيرة ووسائل التواصل الاجتماعي سيكون لها أثر تحوّلي على المملكة، داعياً الشركات إلى “انتهاز الفرصة والتكيف فوراً مع المشهد التقني المتغير لكي تتمكن هذه الشركات من الاستفادة من الفرص التجارية الجديدة السانحة في هذا المشهد والاستعداد للنمو في المستقبل”.
وأضاف الفيفي: “هذه التقنيات بإمكانها إدخال عائدات غير مسبوقة للشركات، فقط إذا ما أعدّت موظفيها وسلّحتهم بالأدوات المناسبة لتحقيق النمو المنشود”.
أبرز تحديات قوى العمل التي تواجه الشركات في المملكة
- تكييف الاحتياجات التدريبية
قال 40 بالمئة فقط من الموظفين المستطلعة آراؤهم في المملكة أنهم مُنحوا الأدوات المناسبة لمساعدتهم على النمو وتحسين أدائهم في العمل، في حين أن 55 بالمئة من المدراء التنفيذيين المشاركين قالوا أن شركاتهم تقدّم لموظفيها على نطاق واسع برامج تدريبية إضافية وتكميلية لتطوير مهاراتهم. وأشار 48 بالمئة، أي نحو نصف المشاركين من الموظفين، أنهم لا يحصلون على التدريب الكافي على التقنيات المعتمدة في أماكن عملهم، في حين ذكر 40 بالمئة أن شركاتهم تشجع التعليم المستمر والتدريب لتعزيز التطوّر الوظيفي.
- تزايد استخدام القوى العاملة المؤقتة
وأظهرت الدراسة أن ثلاثة أرباع الشركات في المملكة تلجأ إلى استخدام موظفين مؤقتين أو متقطعين أو موسميين، أو استشاريين، ولكن 19 بالمئة منها فقط تقوم بتغيير سياسات الموارد البشرية تبعاً لذلك الاستخدام. وعلاوة على ذلك، فإن 17 بالمئة من الشركات في المملكة تلجأ إلى استخدام أهداف قابلة للقياس وإجراء مقارنات معيارية لتنمية القوى العاملة، وأن 36 بالمئة فقط من هذه الشركات تعرف كيفية استنباط أفكار هادفة من البيانات التي تتحصل عليها من تلك القياسات.
تعتبر الشركات في المملكة أكثر تقارباً مع موظفيها فيما يتعلق بالمزايا والحوافز، مقارنة مع مشاركين من أنحاء متفرقة من العالم، وفقاً للدراسة؛ فقد ذكر 36 بالمئة فقط من العاملين في المملكة “البدلات” كأهم جزء في عملهم، مقارنة مع معدل عالمي يبلغ 66 بالمئة.
وتأتي المنافع والحوافز لدى العاملين في المملكة وفق ترتيب هو: المكافأة السنوية والمكافآت الممنوحة على أساس الجدارة بنسبة 55 بالمئة، والتعليم بنسبة 46 بالمئة، ومواعيد العمل المرنة بنسبة 40 بالمئة. وأشار ما يزيد قليلاً على الثلث، أي 35 بالمئة، إلى أن أكثر ما يقلقهم هو إمكانية تغيير مناصبهم أو الاستغناء عنها، في حين قال 43 بالمئة إن زيادة البدلات تزيد ولاءهم لأعمالهم الحالية وترفع مستوى انخراطهم فيها.
- القصور في فهم جيل الألفية
ويبدو من خلال النتائج أن لدى الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً تأثيراً بالغاً على أماكن عملهم في المملكة، في ضوء اعتبار 55 بالمئة من المدراء أن لأبناء جيل الألفية تأثيراً على وضع الاستراتيجيات الخاصة بقوى العمل، وقول 34 بالمئة منهم أنهم يولون اهتماماً خاصاً باحتياجات تلك الفئة العمرية من الموظفين.
لكن يبدو أن أصحاب العمل بعيدون عما يراه أبناء الألفية في الواقع؛ ففي حين قال 53 بالمئة من المدراء التنفيذيين إن أفراد هذه الفئة العمرية يشعرون بالإحباط من طبيعة الإدارة، ذكر 4 بالمئة فقط من الموظفين المنتمين إلى جيل الألفية أنهم كذلك. وبينما قال ما يقرب من ربع المدراء التنفيذيين (24 بالمئة) إن الموظفين من أبناء هذا الجيل قد يتركون وظائفهم بسبب نقص التعلم والتطوير، لم يذكر أي من موظفي هذه الفئة العمرية المستطلعة آراؤهم في الدراسة هذا السبب على الإطلاق.
ولوحظ من نتائج الدراسة كذلك أن أولويات العمل لدى أبناء جيل الألفية في المملكة، تتماشى بصورة وثيقة مع أولويات نظرائهم من أبناء الفئات العمرية الأخرى، أكثر من مناطق أخرى من العالم؛ إذ قال 46 بالمئة من أبناء الألفية و45 بالمئة من أبناء الأجيال الأخرى، إنهم أكثر اهتماماً بمستوى جودة الحياة من المسار الوظيفي.
يظهر من نتائج الدراسة أن المجال الوحيد الذي يُجمع عليه المدراء التنفيذيون والموظفون هو “القيادة”، أو بتعبير أدق “الافتقار إلى القيادة”؛ ذلك أن 28 بالمئة فقط من المدراء التنفيذيين قالوا إنهم يرون قيادات شركاتهم مستعدة لإدارة قوة عمل متنوعة، في حين أن 33 بالمئة فقط من الموظفين ذكروا أن القيادات مستعدة للمضي بشركاتهم نحو النجاح.
ومن الملاحظ أن المدراء التنفيذيين يقومون بإعادة النظر في التقنيات المستخدمة في مجال الموارد البشرية، استراتيجيات التدريب والتعويض، حيث أشار قرابة 35٪ من المدراء التنفيذيين أنهم حققوا تقدما في بناء القوى العاملة المستعدة أن تلبي الأهداف التجارية في المستقبل.
وبحسب الدراسة فإن إدارة قوى العمل تشكّل تحدياً رئيسياً في المملكة: ففي حين أن 72 بالمئة من المدراء التنفيذيين ذكروا بأن شركاتهم تملك خططاً تنفيذية لتحقيق رؤاها المتمثلة في إدارة قوى العمل، قال 22 بالمئة فقط إن شركاتهم تملك رؤية واضحة لقوى العمل التي تريد بناءها في ثلاث سنوات.
ودعت نيلي البستاني، مدير إدارة الموارد البشرية لدى “إس إيه بي” الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الشركات إلى تحسين إدارة المواهب وإعداد الإمكانيات المؤسسية اللازمة لتطوير قادة المستقبل، إذا ما أرادت تعظيم الاستفادة من الفرص السانحة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات بالمملكة. وأوضحت البستاني، في تعليق لها على نتائج الدراسة، أن الشركات التي سوف يحالفها النجاح ستكون في حاجة إلى “مزيج مناسب يشمل التدريب لصقل المهارات، وأدوات التمكين، والمشاركة في تطوير قوى العمل”. وقالت: “لجأنا في “إس إيه بي” إلى استخدام حلول الموارد البشرية من التطبيق SuccessFactors ونجحنا في إحداث التحول في طريقة استقطاب قوى العمل العالمية التي تعمل لدينا، وتعيينها وتنميتها وإشراكها، من أجل قيادة استراتيجيتنا التجارية وتنفيذها بنجاح”.