سيسكو (رمزها في بورصة نازداك CSCO) – يرى المحللون أن العام 2016 كان الأفضل من حيث نمو المبيعات في موسم الأعياد منذ عام 2005. إلا أن هذا النمو لم يأتِ من المبيعات عبر المتاجر التقليدية وقنوات البيع الملموسة، بل كان المتسوقون عبر الإنترنت هم من أنقذ الموسم بتسجيل أرقام قياسية جديدة للمبيعات الإلكترونية في مناسبات عديدة منها فعاليات «الجمعة الأسود» (Black Friday) و«الاثنين السيبراني» (Cyber Monday) ومناسبات أخرى. ويترتب على ذلك آثار ضخمة للقطاع وعلى الخطط التقنية لتجار التجزئة لعام 2017.
فالمتسوق عبر قنوات التجزئة المتعددة يدفع بموجة التطور الرقمي التي تهدّد خروج حوالي نصف قادة قطاع التجزئة من المجال في حال تأخرهم عن ركب التحول الرقمي. ويكشف تقرير بحثي جديد نشرته سيسكو اليوم بعنون “إعادة تعريف التجزئة: سيسكو تكشف عن كيفية إحداث طفرة في التحول الرقمي للمحلات التجارية“، أن تجار التجزئة حول العالم يتحركون ببطء شديد تجاه التحول الرقمي، على الرغم من المخاطر الجمّة التي تترتب على ذلك، وأنهم قد لا يستثمرون بالضرورة في الجوانب الصحيحة. فتقارير المبيعات الضعيفة في موسم الأعياد وإغلاق عدد من المتاجر الكبرى مؤخراً ليس سوى البداية.
في هذا السياق قال مايك ويستون، نائب رئيس سيسكو الشرق الأوسط: “تسير الهزّة التي أحدثها التطور الرقمي في طريقها لتضرب العديد من الأسماء الكبرى في قطاع التجزئة، معلنة بذلك إغلاق المئات من المتاجر التقليدية في الأشهر الأخيرة لتحقيق فرص تنافس أفضل في مشهد تجاري تتقارب فيه القنوات الرقمية والملموسة بشكل متزايد. ولكن تبقى هناك فرص ضخمة مع إمكانية تحقيق تجار التجزئة لقيمة تزيد على 506 مليار دولار من خلال التحول الرقمي. على تجار التجزئة تحقيق مزيد من التقدم في رقمنة القوى العاملة وعملياتهم الجوهرية للتمكن من توفير تجارب مبتكرة للعملاء بالشكل الذي يريدون، وتهيأة عوامل النجاح في مشهد التجزئة بحلّته الجديدة.”
وضمن جهود سيسكو الرامية لمساعدة تجار التجزئة على إنجاز التحول الرقمي، نشرت سيسكو مؤخراً دراسة بعنوان “خارطة الطريق نحو تحقيق القيمة الرقمية في قطاع التجزئة“، والتي ترشد التجار عبر ثلاثة مراحل هي 1) تمكين القدرات الرقمية 2) تمييز علامتهم التجارية من خلال القدرات الرقمية الجديدة و3) تعريف نماذج جديدة للأعمال من خلال التطور الرقمي.
ولفهم التطور الذي حققه تجار التجزئة على خارطة الطريق تلك في مساعيهم لاجتياز رحلاتهم الخاصة بالتحول الرقمي، أمضت سيسكو الأشهر العشرة الماضية في عقد وتيسير ورش عمل مفصّلة مع أكثر من 200 مختص في مجال التجزئة من أمريكا الشمالية والجنوبية ومناطق من أوروبا، يمثلون محلات تجارية تقليدية وشركات للتجارة الإلكترونية ومصنعي الملابس ومزودي خدمات الطعام وغيرها من فئات القطاع. وأظهر التقرير الجديد موقعهم الحالي ضمن مسيرة التحول الرقمي، والجوانب التي يمنحونها الأولوية حالياً في استثمارات التقنيات الرقمية وما قد لا يعرفونه عن عيوب استراتيجياتهم للتحول الرقمي.
وفيما يلي أبرز ملامح التقرير:
- تجار التجزئة عالقون في المراحل المبكرة من خارطة الطريق الرقمية. لا تزال أولويات الاستثمار الرقمي لدى تجار التجزئة مركّزة على المرحلة الأولى من خارطة الطريق، وهي مرحلة التمكين، بنسبة 49 بالمائة، بحيث تركّز على تقنيات المعلومات الأكثر نضوجاً والتي تمكّن القدرات والعمليات القائمة وتعزز مرونة تقنية المعلومات والكفاءة التشغيلية.
- يفوّت تجار التجزئة فرصة بقيمة 187 مليار دولار بسبب عدم منحهم الأولوية للاستثمار في إنتاجية الموظفين. فهذه التقنيات ونماذج التطبيق تحقق القيمة العظمى من الرقمنة عندما يرتفع مستوى الكفاءة المرتبطة بالموظفين وتتحسن عملية انتهاء الشراء أو الدفع بينما يرتفع مستوى التعاون بين الموظفين. ولا يقتصر مردود الاستثمار في تلك المجالات على تعزيز الإنتاجية التشغيلية والكفاءة المرتبطة بالموظفين وحسب، فهو يساهم في تحسين تجربة المتسوقين وزيادة ولائهم. تركّز 6 بالمائة فقط من أولويات الاستثمار لدى تجار التجزئة على نماذج العمل المهتمة بإنتاجية الموظفين، رغم أن تقديرات سيسكو تشير إلى أن تلك النماذج تحقق أعلى عائد على الاستثمار لتجار التجزئة.
- لا يستثمر تجار التجزئة ما يكفي في المجالات التي تحقق لهم التميز في الأفضلية التنافسية وتدفق الإيرادات. تركّز 29 بالمائة فقط من أولويات الاستثمار الرقمي حالياً لدى تجار التجزئة على مرحلة “التمييز”، بينما وصل 22 بالمائة فقط إلى مرحلة “التعريف”، وهما المرحلتان الثانية والثالثة من خارطة الطريق واللتان تسمحان للتجار بتمييز علاماتهم التجارية بناء على القدرات والخدمات الرقمية الفريدة، أو تعريف نماذج جديدة للأعمال ومصادر تدفق الإيرادات من خلال التطور الرقمي. تشير تلك النتائج إلى أن معظم تجار التجزئة لم يحققوا التقدم الكافي فيما يتعلق بالتحول الرقمي، وقد يواجهون خطر الخروج من القطاع فيما تحلّ محلهم مشاريع أكثر ابتكاراً وأسرع تطوراً.
- يستثمر تجار التجزئة مبالغ أكبر من اللازم في تجربة العملاء. في مقابل الاستثمارات المتدنية المذكورة أعلاه، يمنح التجار أولوية كبيرة لتكون جلّ استثماراتهم الرقمية في مجال تجربة العملاء (بواقع 37 بالمائة) والتي تهدف إلى تحسين التفاعل الشخصي مع المستهلكين. وفيما يمكن لتلك النماذج تحقيق قيمة تقدّر بحوالي 91 مليار دولار، فإن التركيز المفرط على الاستثمار الرقمي في تجربة العملاء قد يقيّد فرصة التجار في الحصول على القيمة التشغيلية التي يمكنهم تحقيقها من التحول الرقمي لوظائف الأعمال والقوى العاملة في مجالهم.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض شرائح قطاع التجزئة تحقق تقدماً أكبر بكثير من غيرها في مسيرة التحول الرقمي. فقد وضع تجار التجزئة في قطاع صناعة الملابس والأقمشة في نيويورك 58 بالمائة من أولوياتهم للاستثمار الرقمي في مرحلتي التمييز والتعريف ضمن خارطة الطريق، مقارنة مع 39 بالمائة فقط من تجار التجزئة المعتمدين على المحلات التقليدية والمتاجر متعددة الأقسام ومحلات الخدمات الغذائية التي تحدثت إليها سيسكو في المناطق الجنوبية من الولايات المتحدة الأمريكية.
أما في أمريكا الجنوبية فيمنح تجار التجزئة أولوية أكبر لاستثماراتهم التقنية في مرحلة “التمكين” المبكّرة من خارطة الطريق – وبواقع 67 بالمائة مقارنة مع نظرائهم في أمريكا الشمالية ممن بلغت نسبتهم 51 بالمائة، مما يشير إلى أن التجار في أمريكا الجنوبية لم يحققوا القدر ذاته من التقدم في مسيرتهم للتحول الرقمي. يمكن أن يُعزى ذلك إلى الظروف الاقتصادية في أمريكا الجنوبية التي تدفع التجار إلى الاستثمار في رقمنة المرافق والطاقة أولاً، وغيرها من الوظائف التشغيلية التي تساعد في تقليل التكاليف وتحرير قدر أكبر من رأس المال.