وفقاً للإصدار الأخير من تقرير “توقّعات أداة عمليات الدمج والاستحواذ العالمية” والصادر عن شركة كي بي إم جي الدولية (KPMG’s Global M&A Predictor)، من المتوقع أن تبدي أكبر الشركات حول العالم إقبالاً متزايداً على صفقات الدمج والاستحواذ خلال الأشهر المقبلة. كما من المتوقع أن يرتفع مستوى الإقبال على إبرام الصفقات بنسبة 4 بالمئة خلال العام الجاري، وذلك وفقاً للنسب الآجلة لأسعار الأسهم إلى ربحيتها (الطريقة المعتمدة من قبل شركة كي بي إم جي لقياس مستوى إقبال الشركات أو ثقتها) من جانب آخر، من المرتقب أن ترتفع قدرة الشركات على تمويل النمو في عمليات الدمج والاستحواذ بنسبة 13 بالمئة خلال الفترة نفسها، والتي تقاس وفقاً لنسب صافي الدين إلى الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء (الطريقة المعتمدة من قبل شركة كي بي إم جي لقياس القدرات) فيما تواصل الشركات التخفيض الجزئي للدين وتعزيز احتياطاتها النقدية.
ومع تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد الصيني، وبدء الولايات المتحدة في زيادة معدلات الفائدة ومساهمة أسعار النفط في إضعاف اقتصادات الدول المصدّرة للنفط، ازدادت حالة عدم اليقين بشكل في العام 2016.
في هذا الإطار، علّق لييف زييرز رئيس قسم الاستشارات الخاصة بالصفقات في كي بي إم جي الدولية قائلاً: “إننا نتوقع استمرار نشاط الصفقات في الاقتصادات الغربية خلال العام 2016، مرفقاً بمراكز مالية سليمة ومستويات ربح إيجابية وسيولة قوية في أسواق الديون. كما يشكّل تقارب القطاعات المتزايد واستمرار التطور التكنولوجي والتقنية الرقمية بشكل متواصل، دافعاً رئيسياً لإجراء تعديلات استراتيجية مستقبلية. ولكن من المتوقع أن تبقى اقتصادات الأسواق الناشئة محفوفة بالتحدّيات.”
ومن جهته، أفاد راماشاندران نارايانان، الشريك ورئيس قسم الاستشارات الخاصة بالصفقات في شركة كي بي إم جي في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا، أن دول مجلس التعاون الخليجي ساهمت بشكل ملحوظ في الصفقات الإقليمية لعمليات الدمج والاستحواذ. وأضاف قائلاً: “ساهمت دول مجلس التعاون الخليجي في 65 بالمئة من مجموع الصفقات المبرمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الربع الأول من العام 2016. وقد استطاعت المنطقة مجتمعةً استقطاب استثمارات بقيمة 4.57 مليار دولار أميركي في إطار 64 صفقة، 23 منها كانت من نصيب دولة الإمارات العربية المتحدة و15 صفقة للمملكة العربية السعودية و15 للكويت، و7 صفقات لسلطنة عمان مقابل صفقتين لكل من قطر والبحرين”.
وبدوره أشار نافذ المرعبي، رئيس قسم الاندماج والاستحواذ في كي بي إم جي بالمملكة العربية السعودية، قائلاً: “التراجع المتوقع في النشاط الاقتصادي الذي حدث بسبب انخفاض أسعار النفط كان السبب وراء زيادة رغبة الشركات الكبيرة في الاستحواذ الجزئي أو الكلي على الشركات الأصغر، لاسيما تلك التي قد تواجه أو تتوقع أن تواجه ضغوط ناجمة عن انخفاض السيولة.”
وتتجلى هذه الصورة الإيجابية على الرغم من بعض المؤشرات الاقتصادية المتذبذبة مثل الهبوط المرتقب في صافي الأرباح بنسبة 7 بالمئة عالمياً. ويبدو جلياً أن المحللين يقومون بأخذ هذا الهبوط في توقعاتهم، ولكن مع ذلك، من المتوقع أن تشهد القيم السوقية انخفاضاً بنسبة 3 بالمئة فقط.
إلى ذلك، من المتوقّع أن تنضم أوروبا إلى أصحاب الأداء الأقوى. وتشكل الزيادة البالغة 10 بالمئة في الإقبال التي نشهدها في هذا السياق، تخطّياً لضعف المعدل العالمي. أمّا على صعيد دول آسيا والمحيط الهادئ (بخلاف اليابان) ودول آسيا والمحيط الهادئ (التي تشمل اليابان)، فقد كانت الأرقام أكثر تواضعاً إذا بلغ الارتفاع في نسب الإقبال 6% و4% على التوالي. وفي أميركا الشمالية، من المتوقع استمرار البيئة الإيجابية لنشاط الدمج والاستحواذ الذي شهدها العام 2015، حيث يتوقع المحللون ثبات مستويات الثقة. فيما يتعلّق بمنطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ما تزال وتيرة الصفقات إيجابيةً على الرغم من المشهد الاقتصادي المتغير في الفترة المتبقية من العام 2016.
نقاط قوة القطاعات
من المتوقّع أن يشهد قطاع الطاقة الزيادة الأعلى من حيث الإقبال على عمليات الدمج والاستحواذ خلال العام 2016 وذلك بنسبة 23 بالمئة. أمّا على صعيد المواد الأساسية فمن المتوقّع أن تبلغ تلك النسبة 12 بالمئة و6 بالمئة للسلع الاستهلاكية الأساسية. من حيث القدرة، يتبوأ قطاع التكنولوجيا الصدارة مع زيادة مرتقبة بنسبة 90 بالمئة، فيما تواصل شركات التكنولوجيا زيادة احتياطاتها النقدية.
وفي هذا السياق، صرّح فيل آيزوم الرئيس العالمي لقسم الدمج والاستحواذ قائلاً: “على الرغم من التقلّبات التي شهدها السوق مؤخراً، إلاّ أن توقع بقاء نشاط الدمج والاستحواذ قوياً في العام 2016 يقوم على أسس صحيحة، وذلك نظراً للاحتياطات النقدية الهائلة للشركات وصبوها إلى النمو إلى جانب سعيها الدؤوب لفرص نوعية من جانب رعاة حقوق الملكية الخاصّة”.
تجاوز نسبة الصفقات المعلنة لنسبة الصفقات المنجزة
شهدت القيمة الإجمالية لكافة الصفقات المعلن عنها عالمياً زيادة بنسبة 31% من حيث القيمة أي من 2,828 مليار دولار أميركي إلى 3,709 مليار دولار اميركي. وهذه النتيجة تختلف بشكل ملحوظ عن القيمة الإجمالية لكافة الصفقات المنجزة عالمياً والتي تراجعت بنسبة 40 بالمئة خلال العام 2015 (من 2,513 مليار دولار أميركي إلى 1,510.3 مليار دولار أميركي).