تُصنف الأمراض التي تصيب الأطفال حديثي الولادة من أكثر الأمراض حساسية، وينصح الأطباء عادة بأن يكون الأهل شديدي الانتباه لأي عارض يظهر على الطفل خلال الأشهر الأولى من عمره، ومن بين الأمراض الشائعة عند هؤلاء الأطفال هو مرض انسداد القناة الدمعية الخلقي، وتحديداً القناة الخاصة بتصريف الدمع من العين.
وفي تعريف المرض، فإن ماء الدمع السائل الذي تُفرز على سطح العين له مجرى خاص لتصريفه، هذا المجرى الخلقي يكتمل تشكيله عادة عند الولادة، لكن يحدث في بعض الأحيان أن يتأخر تشكيل القناة الدمعية لأسباب خلقية بنسبة تتراوح بين 5-20% من الأطفال المولودين حديثاً، لكن بالمقابل فإن98% من هذه الحالات تُصحح تلقائياً، وهنا يبرز دور الأطباء للقيام بالتشخيص المبكر، وهذا يتم عادة عن طريق أطباء الأطفال الذين يقومون بمتابعة الحالة وإعطاء التعليمات المبكرة للمساعدة بإعادة فتح القناة الدمعية من خلال بعض التمارين، وفي حال عدم الاستجابة فيتم تحويل الحالة إلى طبيب عيون متخصص، ليأخذ القرار المناسب ويقدم النصيحة المباشرة للأهل.
الدكتور ايهاب يسري السرحي، طبيب وجراح العيون في مستشفى دله في عيادة طب وجراحة العيون، والحاصل على الزمالة البريطانية من جلاسجو والزمالة العالمية من أمريكا في طب وجراحة العيون، تحدث عن هذه الحالة المرضية فقال: “من المفترض أن يتم تصريف الدمع بشكل تلقائي من خلال القناة الدمعية التي تصب في الأنف، لكن في بعض الحالات لا تفتح قناة تصريف الدموع بشكل كامل عند الولادة أو في الشهر الأول، ويكون الإنسداد بسبب وجود غشاء رقيق في نهاية المجرى الدمعي، عندها يبدأ الأهل بملاحظة ازدياد إفراز الدمع من طرف أحد العينين دون سبب، وفي الغالب يكون الانسداد في عين واحدة، وفي حالات نادرة يكون التدميع في كلا العينين”.
وأضاف: “في بعض الأحيان يكون اكتشاف المرض متأخراً عندها يحصل احتقان لعدم تصريف الدمع في الكيس الدمعي، ما يؤدي لالتهاب ثانوي، وفي الغالب يكون التهاب بكتيري تظهر عوارضه على شكل غمص أو إفرازات صفراء أو بيضاء، مع عدم القدرة على فتح العيون عند استيقاظ الطفل من النوم أو في بعض الأحيان تكون الأعراض أخف بالتصاق الرموش ببعضها”.
ويصف الأطباء المختصون العلاج في غالب الأحيان بأنه علاج محافظ، لا يحصل فيه تدخل كبير من قبل الطبيب، ويعتمد على المحافظة على نظافة الجفن بشكل كبير، وهذا مهم لجميع الأطفال وليس فقط الأطفال المصابين بانسداد القناة الدمعية، والأهم معالجة أي التهاب بكتيري ناتج عن الانسداد بشكل مبكر حتى لايحصل تليف داخل القناة الدمعية، ما يقلل من نسبة نجاح أي تدخل في المستقبل سواء كان جراحي أو تدخل من نوع آخر.
ومن طرق العلاج الأخرى، التدليك كعلاج أساسي لانسداد القناة الدمعية، حيث يكون التدليك بتوليد الضغط الإيجابي داخل الكيس الدمعي، ودفع الماء الموجود بداخل مجرى القناة الدمعية عن طريق دفعات بأصبع يد الأم (السبابة) وفق تقنية معينة يتم تحديدها بواسطة الطبيب، وفي حال وجود التهاب نستعمل مضادات حيوية. وفي حال وجود أية إفرازات على الرموش فيجب أن تعالج بشكل مبكر للمحافظة على صحة الجفن.
وينصح الأطباء الأهل وخاصة الأم بمتابعة الحالة بشكل مبكر، وأن لايتم ترك الحالة بدون علاج لمدة تتجاوز ال12 سنة من عمر الطفل ، بحيث أن الانسداد الدمعي قد يؤدي إلى مضاعفات، من بينها حصول التهابات للأغشية المخاطية حول مجرى الدمع أو التهاب كيس الدمع الداخلي أو التهاب حول العين، أو قد تصل الى تكوين خراج لاسمح الله.
وهو ما يمكن تجنبه بالتعاون والتشاور بين الأم والطبيب بمافيه مصلحة الطفل بإذن الله .