أشارت إحصائيات سنوية جديدة أصدرتها دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي إلى أن الإمارة استقبلت أكثر من 14.2 مليون زائر خلال العام 2015، محققة زيادةً كبيرة جداً بنسبة 7.5 بالمائة مقارنة بالعام 2014، وهي نسبة تساوي ضعف معدل نمو السياحة العالمية الذي توقعت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أن يتراوح بين 3-4% خلال الفترة نفسها.
وبهذا يعود قطاع السياحة في دبي ليؤكد من جديد صلابة وقوة مساهمته في اقتصاد الإمارة وهو يمضي قدماً بخطوات ثابتة نحو تحقيق الهدف المتمثل باستضافة 20 مليون زائر سنوياً بحلول العام 2020، وذلك رغم ما واجهه العالم في العام الماضي من تقلبات اقتصادية متواصلة إضافة إلى الأوضاع الجيوسياسية المتقلبة خلال النصف الثاني من العام 2015.
وفي تعليقه على هذه الإحصائيات، قال سعادة هلال سعيد المري مدير عام دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي: “لقد شهد العام الماضي أداءً قوياً لقطاع السياحة في دبي الذي حقق ضعف معدلات النمو العالمية بفضل السياسات الحكيمة والقيادة الرشيدة لسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، إذ بلغ عدد الزوار الذين توافدوا إلى الإمارة من جميع أنحاء العالم 14.2 مليون زائر، مما يجعل دبي في المرتبة الرابعة بين أكثر المدن استقطاباً للزوار في العالم. وقد حفل العام 2015 بالكثير من التحديات التي أثّرت على قطاع السياحة العالمي، حيث شهدنا بعض الصعوبات، بدءاً من تراجع معدلات النمو الاقتصادي في الأسواق الآسيوية والأوروبية وصولاً إلى تباين أسعار صرف العملات حول العالم.
لكن التصميم المتواصل لدبي من أجل استقطاب 20 مليون زائر في العام 2020 مكّنها من تحقيق قفزات هامة في معدلات النمو السياحية تتراوح ما بين7-8%، وهي مسألة أساسية تستوجب التركيز أكثر على التعاون الوثيق بين مختلف القطاعات السياحية إذ إن أداءنا القوي خلال الأشهر الإثني عشر الماضية يعكس من دون شك مرونة في استراتيجية السوق المتنوعة التي نعتمدها، وسرعة الاستجابة على جميع المستويات ضمن القطاع السياحي، وقوة العروض والخدمات السياحية التي نقدمها بشكل دائم”.
وخلال سعيها لتطبيق استراتيجية جذب مزيد من الزوار من مناطق جغرافية متنوعة، تمكنت دبي من تعزيز الأداء الذي حققته في النصف الأول من العام وتسجيل زيادة كبيرة في أعداد الزوار من الدول الرئيسية المصدرة للسياحة وتخفيف أثر التراجع في نسبة السياح القادمين من بعض الدول.
وظلت دول مجلس التعاون الخليجي المصدر الإقليمي الأهم في دعم الطلب المستمر على السياحة من الأسواق المجاورة إلى دبي، حيث ساهمت بالحصة الأكبر من حركة السياحة إلى دبي، إذ بلغ عدد الزوار القادمين منها 3.3 مليون زائر في العام 2015، أي بزيادة قدرها 12.8% مقارنة بالعام 2014.
وفيما يتعلق بأعداد الزوار الذين قدموا من دول الخليج العربي، حافظت المملكة العربية السعودية على مكانتها في المرتبة الأولى حيث بلغ عدد الزوار القادمين منها إلى دبي 1.54 مليون زائر، تليها سلطنة عمان بأكثر من مليون زائر. كما جاءت الكويت وقطر ضمن قائمة الأسواق العشرين الكبرى، وكانت الكويت الوحيدة التي سجلت تراجعاً في نمو حركتها السياحية إلى دبي مقارنة بالعام 2014 ولكنها ظلت محافظة على مكانتها في المرتبة العاشرة،، فيما تحسنت حركة الزوار القطريين القادمين إلى دبي بقوة اعتباراً من منتصف العام وحققت زيادة سنوية بنسبة 32% في 2015.
ورغم القيود لتراجع النمو الاقتصادي وقوة الدولار الأميركي على قدرة دبي التنافسية، ظلت دول غرب أوروبا ثاني أكبر منطقة مساهمة بعدد الزوار، إذ سجل عدد الزوار القادمين من تلك الدول نمواً كبيراً بنسبة 6.1% حيث بلغ نحو 3 ملايين زائر.
وظلت المملكة المتحدة ضمن قائمة البلدان الثلاثة الأولى المصدرة للسياحة، وارتفع عدد الزوار البريطانيين بنسبة 11% ليصل إلى 1.2 مليون زائر. كما ظلت ألمانيا ضمن قائمة الأسواق العشرة الأولى، وارتفع عدد الزوار الألمان بنسبة 7% ليصل إلى أكثر من 460 ألف زائر، تلتها فرنسا التي أظهرت انخفاضاً طفيفاً في عدد الزوار القادمين منها خاصة في الربع الأخير من العام، ثم إيطاليا التي ظل عدد الزوار القادمين منها على ما كان عليه في العام 2014.
أما دول شمال أوروبا، التي تضم أيضاً الدول الاسكندنافية وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ، فقد كانت من الأسواق الجديدة التي شهدت نموا في حركة السياحة إلى دبي في العام 2015، رغم محدودية أعداد الزوار القادمين منها، ويرجع ذلك إلى زيادة سعة حركة الطيران المباشر من تلك المنطقة.
وجاءت دول جنوب آسيا في المرتبة التالية حيث بلغ عدد زوارها القادمين إلى دبي 2.3 مليون زائر، أي بزيادة قدرها 21.7% مقارنة بالعام 2014. واحتلت الهند المرتبة الأولى لأول مرة بين دول جنوب آسيا، إذ ساهمت بأكثر من 1.6 مليون زائر، وكانت ثاني أسرع الأسواق نمواً في العام الماضي، حيث سجلت نمواً سنوياً بلغ 26%، تليها باكستان التي صنفت خارج مجموعة الأسواق الخمسة الأولى وساهمت بنحو 513 ألف زائر، محققة زيادة بنسبة 11% في نهاية العام 2015.
وهكذا فقد نجحت الجهود التي بُذلت للوصول إلى فئات خاصة من السياح في المدن التي تتمتع بمستوى كبير من الربط الجوي والقدرات الكامنة وبناء علاقات تجارية قوية في السوق مع وسطاء السفر الرقميين، في تحقيق نتائج جيدة، وستتواصل هذه الجهود لتمكين دبي من استقطاب شرائح السياح من رجال الأعمال والعائلات من الطبقة الوسطى المتنامية في الهند.
وتجاوز عدد زوار دبي من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 1.6 مليون زائر، محققاً زيادة بنسبة 1.3%، وتعد هذه زيادة كبيرة في ضوء تصاعد الاضطرابات الإقليمية. وارتفاع عدد الزوار الإيرانيين بنسبة 6% مما أدى إلى انتقال إيران إلى قائمة الأسواق العشرة الأولى، هذا فيما ساهمت مصر والأردن بمعظم النسبة المتبقية من الزوار القادمين من هذه المنطقة، إذ حقق عدد الزوار القادمين من كلا البلدين في العام الماضي نمواً كبيراً بنسبة 15% مقارنة بالعام 2014.
وجاءت بعد ذلك الدول الآسيوية (باستثناء شبه القارة الهندية) التي صدّرت في العام 2015 نحو 1.2 مليون زائر إلى دبي بزيادة بلغت 17.9% مقارنة بالعام 2014. وهيمنت الصين على حركة السياحة القادمة من تلك المنطقة، واحتلت المرتبة الأولى من حيث نمو عدد زوارها القادمين لدبي في العام الماضي، حيث وصل عدد الزوار الصينيين إلى 450 ألفاً، أي بزيادة بنسبة 29%. وكانت الفيليبين مصدراً لنحو 325 ألف سائح، وشهد عدد السياح القادمين منها نموا قوياً خلال الربع الثالث مما أدى إلى انتقال الفيليبين إلى المرتبة 11 في قائمة الأسواق المصدرة للسياحة بالنسبة لدبي.
وكذلك ارتفع عدد الزوار من القارتين الأميركيتين بنسبة 8.2% ليصل إلى نحو مليون زائر وذلك بفضل تعزيز الربط الجوي والرحلات المباشرة من وإلى الساحلين الغربي والشرقي. وحافظت الولايات المتحدة على مركزها ضمن قائمة الأسواق الخمسة الكبرى بالنسبة لدبي حيث شهدت نمواً بنسبة 3%، كما ظلت كندا في قائمة الأسواق العشرين الكبرى وحققت حركة السياح منها نمواً بمعدل 13%.
وقد ساعد النمو الإيجابي في الأسواق القوية والناشئة في موازنة تراجع عدد السياح من روسيا ورابطة الدول المستقلة ودول أوروبا الشرقية، التي شهدت انخفاضاً بعدد الزوار القادمين منها بنسبة 22.5%، ومن أستراليا التي تراجع عدد الزوار القادمين منها بنسبة 6.3% في العام الماضي.
وظلت حركة تدفق الزوار من أفريقيا على ما كانت عليه في العام السابق، حيث قابل التراجع في السوق النيجيرية نتيجة انخفاض السلع وقيود أسعار صرف العملات نمواً في أسواق جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى وذلك بفضل نجاح المعارض السياحية وتطوير شبكة من العلاقات التجارية في الأسواق النامية مثل كينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وأضاف المري: “بفضل استراتيجيتنا التي تركز على تنويع الأسواق المصدرة للسياح، تمكنا من موازنة التحديات التي وجهناها في بعض المناطق الجغرافية بحكمة، واستطعنا تحويل استثماراتنا نحو الأسواق التي تشهد نمواً في حركة السياحة إلى دبي، والتركيز أكثر على جذب شرائح محددة من السياح في الأسواق التي نتواجد فيها. إضافة لذلك، ركزنا على ضمان وجودنا الملتزم في الأسواق التي تتمتع بمستويات عالية من الدخل الفائض، مثل الصين والأسواق ذات الإمكانات المستقبلية مثل نيجيريا وأندونيسيا التي تمتلك قاعدة متنامية من السياح يمكن الاستفادة منها”.
واستطرد المري قائلاً: “سنواصل خلال العام 2016 زيادة الرحلات الجوية، وتطبيق التسهيلات لإصدار تأشيرات الدخول، وتوسيع قاعدة العروض التي نقدمها لتلبي احتياجات جميع فئات السياح. كما أننا نعمل عن كثب مع الشركاء من شركات الطيران، والقطاعين السياحي والفندقي في أسواق أستراليا والأميركيتين، التي نرتبط بها برحلات جوية مباشرة، لتوفير برامج ترانزيت جذابة”.
أما بالنسبة إلى الأسواق التقليدية، مثل دول الخليج والهند والمملكة المتحدة وألمانيا، التي تتواجد فيها دبي بقوة والتي ما زالت تساهم بنحو ثلث حركة السياحة إلى الإمارة، أضاف المري قائلاً: “ستظل لهذه الأسواق أولوية مهمة دائماً، فقد استطعنا أن نحقق فيها مصداقية راسخة بخصوص العروض والخدمات السياحية في دبي. وهدفنا الآن بناء قاعدة من الدعم والتأييد، وتقديم المزيد من الحوافز لزيارة دبي، وتوفير قيمة أفضل للسياح لتشجعيهم على تكرار زياراتهم لدبي.
ولذلك تعتمد استثماراتنا على تحليلات أفضل لاستكشاف الشرائح الأساسية التي باستطاعتنا استقطابها من تلك الدول، ونحن نسعى للترويج لعروضنا بما يتناسب مع فئات السياح، كما نعمل على تشجيع الإقامة لفترات أطول وبالتالي زيادة القيمة الاقتصادية للسائح خلال العام 2016 والسنوات اللاحقة”.
وبعد إطلاق الحملة العالمية لعلامتها التجارية في الربع الأخير من العام 2015، تواصل دبي العمل على بناء الوعي بهذه العلامة التجارية في الأسواق الجديدة، بالإضافة إلى سد الثغرات في المفاهيم والتصورات السائدة في الاسواق القديمة التي تساهم بنسبة صغيرة من السياح القادمين إلى دبي وذلك من أجل الوصول إلى الشرائح الثرية سريعة النمو، واستقطابها للسياحة الترفيهية وسياحة الأعمال مستقبلاً.
ويعكس أداء القطاع السياحي في دبي في العام 2015 قدرة الإمارة على الاستجابة بسرعة لديناميات السوق المتغيرة من خلال تعزيز نهجها المبني على قوة ومتانة الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وشهد العام 2015 استثماراً كبيراً في الحفاظ على قدرة الإمارة التنافسية من حيث العروض والخدمات التي تقدمها، وزيادة في حركة النقل الجوي بينها وبين الأسواق الكبرى المصدرة للسياحة، ونمواً متوازناً في عدد الغرف الفندقية، وتحسناً ملحوظاً في تنافسية قطاع التجزئة، هذا بالإضافة إلى تحسين العروض على المنتجات السياحية الرئيسية.
إضافة لذلك، يواصل قطاع المناسبات والفعاليات في دبي لعب دوره كمساهم رئيسي في اقتصاد الإمارة، حيث يتضمن تقويمه السنوي مجموعة قوية ومتجددة دوماً من الفعاليات العالمية المهمة التي تعد مكوناً أساسياُ في الأجندة السياحية. ودليلاً على قدرتها التنافسية المتميزة في هذا المجال.
وقد حصلت دبي على لقب مدينة المهرجانات والفعاليات لثلاثة أعوام متتالية منذ العام 2012 من الاتحاد الدولي للمهرجانات والفعاليات، وسوف يتعزز هذا القطاع أكثر بفضل النمو الذي يشهده مهرجان دبي للمأكولات وإطلاق مهرجان دبي للكوميديا في العام 2015، إضافة إلى تجديد مهرجان دبي للتسوق في نسخته الحادية والعشرين في العام 2016 وإطلاق النسخة الافتتاحية من مهرجان “إكس يوغا” دبي الذي يقام في شهر فبراير من العام الحالي.
هذا ويتوقع أن تشهد البنية التحتية المتعلقة بالسياحة والاستثمارات الرامية لتحسين الطاقة الاستيعابية زخماً في العام 2016 من خلال العروض السياحية التي تركز على احتياجات فئات الزوار، مثل المعالم الثقافية والتراثية والمنتزهات الترفيهية والحدائق العائلية، إضافة إلى استمرار التركيز على تحسين بيئة الأعمال، مما يرسخ سعي دبي الدائم لتكون الوجهة المفضلة للسياحة الترفيهية وسياحة الأعمال والفعاليات.
وستواصل دبي في العام 2016 تطبيق المشاريع لتطوير وتحسين وتشجيع الركائز الأساسية للعروض التي تثري الأجندة السياحية الرامية إلى استقطاب المزيد من الزوار وتعزيز مساهمة قطاع السياحة في إجمالي الناتج المحلي للإمارة وجعله مصدراً للمنافسة المستدامة والنمو المستقبلي.
وختم المري قائلاً: “ستظل البنية التحتية وأماكن الإقامة والربط الجوي وسهولة الوصول والسياسات الداعمة من العوامل التي ستساعد دبي في الحفاظ على أسعارها التنافسية، وقدرتها على تقديم الخدمات عالية الجودة التي تساهم في جذب الزوار الجدد وبناء ثقتهم وضمان ولائهم ودعمهم على المدى الطويل. كما أن تطور عروضنا السياحية اليوم هو نتيجة التعاون المضمون والوثيق مع قطاعي الفنادق والتجزئة، والمساهمة المشتركة بين جميع المشاريع الحكومية والعامة والخاصة التي لا تهدف إلى جذب الزوار فحسب، بل إلى تحقيق قيمة حقيقة من تجربة كل زائر قادم إلى دبي مما سيؤدى إلى زيادة مساهمة السياحة في الاقتصاد المحلي. وهذه الشراكات مهمة جداً بالنسبة لنا للبناء على الأسس التي أرسيناها من أجل تعزيز النمو خلال العام 2016 وذلك لضمان تحقيق رؤية دبي السياحية 2020 وتحويلها إلى واقع ملموس”.