أكّدت مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار علياء المزروعي على ضرورة إيجاد مصادر طبيعية تحقق الأمن المائي للمنطقة العربية، والتي تصنفها الأمم المتحدة من المناطق الجافة بحسب تقريرها السنوي حيث أن 66% من المياه السطحية العذبة في الوطن العربي تأتي من خارجه.
وأشارت المزروعي إلى أنّ برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، الذي أطلقه الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة في دولة الإمارات في مطلع العام الحالي 2015، والذي يشرف عليه المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل في الدولة، يهدف إلى إعادة الأمل لملايين الناس المتضررين من شح المياه الذي يؤثر على نحو نصف سكان العالم بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، وذلك عبر تعزيز البحث العلمي في مجال علوم الاستمطار على مستوى عالمي وتطوير تقنيات مبتكرة لتحفيز هطول الأمطار.
وأشادت المرزوعي بالنجاح الذي حققه البرنامج في دورته الأولى، من خلال ما حظي به حتى الآن من اهتمام دولي واسع ومشاركة كبيرة من أفضل العلماء والمتخصصين في مجال بحوث الاستمطار الذي ظل مهملاً من قبل المجتمع العلمي الدولي لأكثر من 50 عاماً، مشيرة إلى استقطاب أكثر من 78 بحثاً أولياً من 325 عالما وباحثا يمثلون 151 مؤسسة من 28 دولة حول العالم تتضمن عربياً السعودية والإمارات وسوريا والسودان، وعالمياً أميركا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والهند واليابان والصين واسبانيا وهولندا وكندا وجنوب أفريقيا وكوريا وكازخستان وأستراليا وفنلندا وأندونيسيا وإيران وغيرها. ويؤكد هذا الانتشار الجغرافي الكبير للمهتمين بالبرنامج على مدى جدواه وأهميته ويجعل منه برنامجاً عالمياً بكافة المقاييس.
كما يساهم البرنامج في دعم استراتيجية الإمارات للابتكار التي أُعلن عنها في بداية عام 2015 ، وهي ترمي إلى تعزيز الابتكار العلمي في العديد من المجالات لتنويع مصادر الدخل الاقتصادي وتحقيق مستقبل أفضل للدولة.
وأضافت مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار أنه تم تقييم كافة البحوث الأولية التي قدمت، حيث اختير منها أفضل 15 بحثاً ليترشحوا إلى المرحلة المقبلة والخاصة بتقييم البحوث الكاملة واختيار الفائزين لهذه الدورة، وسيتم اختيار ما يصل إلى 5 بحوث والإعلان عنها في شهر يناير 2016 للفوز بمنحة البرنامج التي تبلغ قيمتها 5 ملايين دولار أمريكي ستقدم على مدى 3 سنوات لدعم هذه البحوث وتطويرها.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة السنوي المتعلق بتنمية المياه، فإن ندرة المياه تعتبر من المشاكل الآخذة في التزايد مع الزيادة في النمو السكاني والبناء العمراني الهائل الذي يشهده العالم، حيث يعيش 85% من سكان العالم في النصف الأكثر جفافاً من الكوكب، ويصل عدد المحرومين من إمكانية الوصول للمياه النظيفة والصالحة للاستهلاك إلى 783 مليون شخص حول العالم. ويتوقع التقرير أيضا أن يصل عدد القاطنين في المناطق شديدة الجفاف إلى 1800 مليونا بحلول 2025، وأن تقل نسبة المياه المتوفرة مع ارتفاع احتياج المياه، فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن ترتفع نسبة احتياج المياه المستخدمة للري فقط بنسبة 19% بحلول 2050.
يذكر أن البرنامج أولى أهمية كبيرة لتشجيع المشاركة المحلية كأحد أبرز أهدافه، حيث قامت إدارة البرنامج بجولة تعريفية على الجامعات والمعاهد الإماراتية، واستطاعت استقطاب 19 بحثاً أولياُ من مؤسسات وجامعات وباحثين من داخل الدولة، لتحتل الإمارات المرتبة الثانية بين الدول الأكثر مشاركة بتقديم البحوث الأولية خلال الدورة الأولى من البرنامج.
بالإضافة لذلك، فقد شارك برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار في حدثين مؤثرين على مستوى العالم خلال هذا العام، وهما المنتدى العالمي السابع للمياه الذي استضافته مدينة دايجو غيونغسانغ في كوريا الجنوبية في الفترة 12-17 أبريل المنصرم، والدورة الـ17 لمؤتمر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية والذي استضافته العاصمة السويسرية جنيف في الفترة بين 25 مايو و12 يونيو من العام الحالي. وخلال هذين الحدثين، استعرض البرنامج أهدافه ونطاق عمله أمام عدد كبير من الخبراء والمختصين من القطاعين العام والخاص والأوساط الأكاديمية وصناع القرار من كافة أنحاء العالم، ليؤكد على بعده العالمي ورؤيته في أن تتبوأ الإمارات مركزاً قيادياً في مجال البحث العلمي الخاص بأمن المياه.
وتطمح دولة الإمارات إلى أن يؤدي هذا البرنامج إلى تضافر الجهود الدولية في تطوير علوم الاستمطار ومعالجة قضايا أمن المياه، وتحفيز الاستثمارات في تمويل الأبحاث، وزيادة معدلات الأمطار في الإمارات والمناطق الجافة وشبه الجافة الأخرى، وتقدم بذلك نموذجاً مشرفاً لدور الدول العربية في النهوض بمستقبل أفضل بما يعود بالنفع على البشرية جمعاء.