يعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين أوكرانيا والمملكة العربية السعودية إلى 14 أبريل عام 1993م حيث تم التوقيع على البروتوكول ذي الصلة بين البلدين أثناء زيارة الوفد الأوكراني الرفيع المستوى إلى الرياض.
وانطلقت مسيرة التعاون الثنائي في مختلف الميادين السياسي والاقصادي والإنساني وتبادل زيارات الوفود الحكومية والبرلمانية والتجارية (ومن أهمــّـها زيارة فخامة الرئيس الأوكراني السابق السيد / ليونيد كوتشما إلى الرياض في عام 2003 م وكذلك زيارة معالي رئيس مجلس الشورى السعودي عبد الله بن محمد آل الشيخ إلى كييف في عام 2011م) وأقيمت الدورات الخمس المتتالية للجنة الأوكرانية السعودية الحكومية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني وآخرها في مدينة الرياض في عام 2017م.
وفي إطار تعزيز التعاون بين البلدين، قام فخامة رئيس أوكرانيا السيد / بيترو بوروشينكو بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية في 01 نوفمبر عام 2017م حيث أجرى المباحثات المفصلة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وتطرّق الطرفان إلى النظر في ماضي وحاضر العلاقات الأوكرانية السعوديىة وتحديد أولويات تطويرها في المجالات السياسي والاستثماري والتجاري والاقتصادي والعسكري والثقافي.
وتقدر أوكرانيا موقف المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بدعم سيادتها وسلامة أراضيها الإقليمية مما دلّ على ذلك تصويت الوفد السعودي لصالح قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن “السلامة الإقليمية لأوكرانيا” في مارس عام 2014م و”حالة حقوق الإنسان في جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي ومدينة سيفاستوبول (أوكرانيا)” في ديسمبر عام 2016م الذي يتوافق مع المبادئ والقواعد الأساسية للقانون الدولي.
وقد وضع البلدان أطراً قانونية ضرورية لتفعيل التعاون في المجالات العديدة وهناك الاتفاقيات ومذكـّـرات التفاهم الثنائية الموقعة حول التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني، وتشجيع وحماية الاستثمارات، وتجنب الازدواج الضريبي، والتعاون الاستثماري في مجال الزراعة، والتبادل الإعلامي، واستخدام المجال الفضائي للأغراض السلمية، كما يعمل الطرفان على إتمام الإجراءات اللازمة للتوقيع على الاتفاقيات في مجالات الدفاع والنقل الجوي والرياضة.
تُعتبر المملكة العربية السعودية واحداً من أهمّ شركاء أوكرانيا في المجالين التجاري والاقتصادي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط على وجه العموم (وتحتلّ المرتبة الثانية بين البلدان العربية من حيث حجم التبادل التجاري والخدماتي الذي بلغ في عام 2017م ما يفوق 700 مليون دولار أمريكي وتتمثل محتوياته بالحبوب كالقمح والشعير والدهون والزيوت ذات الأصل الحيواني أو النباتي والمعادن الحديدية ومنتجاتها بمقابل اللدائن ومواد البوليمر والمركبات الكيميائية العضوية والمواد الكيميائية غير العضوية).
وهناك الشركات السعودية الكبيرة التي تقوم باستئجار الأراضي الزراعية في أوكرانيا كما تشارك الشركات الأوكرانية الرائدة في تنفيذ المشاريع في مجال الطاقة والنقل بالمملكة عن طريق توريد الأنابيب وعجلات عربات القطار والمحولات الكهربائية. مع ذلك، على الطرفين وضع آليات إضافية لضمان المزيد من الاستدامة والمنهجية في التعاون الثنائي الاقتصادي وتوسيع وتنويع عمليات التصدير والاستيراد وذلك عن طريق إقامة الاتصالات المباشرة بين رجال الأعمال ومنتديات الأعمال المشتركة والمشاركة في المعارض المحلية والدولية وافتتاح المكاتب التمثيلية للشركات.
وتولي أوكرانيا اهتمامًا خاصًا بإمكانات التعاون مع المملكة العربية السعودية في إطار تنفيذ خطة رؤيتها – 2030 وإنجاح صناعة طائرة النقل المتعددة الأغراض “آن-132” (الذي نتج عن الشراكة بين شركة “أنتونوف” الأوكرانية وشركة تقنية للطيران ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية) ليس فقط بإحدى قصص النجاح في العلاقات الثنائية فحسب بل دليل واضح على قدرة البلدين على إنتاج المنتجات ذات التكنولوجيا الفائقة التي تتطابق مع المعايير الدولية.
في السنوات الأخيرة قد حققت أوكرانيا نجاحات ملموسة في مواصلة منهجها نحو التكامل الأوروبي: تمّ التوقيع على اتفاقية الشراكة بينها والاتحاد الأوروبي وإنشاء منطقة التجارة الحرة وإعفاء المواطنين الأوكرانيين عن التأشيرات عند دخولهم في البلدان الأوروبية كما تقوم أوكرانيا بالإصلاحات الواسعة النطاق في مجالات التعليم والصحة والقطاع التقاعدي ومكافحة الفساد وحماية حقوق المستثمرين وقطاع المشتريات الحكومية.
والجانب الأوكراني منفتح أمام المستثمرين ورجال الأعمال السعوديين للتعامل وتنفيذ المشاريع في مجالات الطاقة (بما في ذلك قطاعات النفط والغاز والكهرباء والتعدين و الطاقة المتجددة) والبنية التحتية وهندسة الطائرات والهندسة الثقيلة والصناعات الدفاعية والزراعة وبناء السفن والسياحة، كما يدعوهم للمشاركة في خصخصة الشركات المملوكة للدولة في أوكرانيا.
حرصًا على تعزيز التبادل المعارفي والثقافي بين الشعبين قد اتخذت الحكومة الأوكرانية سلسلة من الإجراءات الرامية إلى تسهيل عملية استخراج التأشيرة الأوكرانية: وبالإضافة إلى الإمكانية المتوافرة حالياً عند المواطنين السعوديين من الحصول على التأشيرات القصيرة المدى عند وصولهم مباشرة إلى المطارات الثلاثة الدولية في مدينتي كييف وأوديسا بالأغراض السياحية والتجارية والاستثمارية، فاعتبارًا من 04 أبريل عام 2018م تم إدراجهم إلى قائمة الأجانب الذين بإمكانهم الحصول على التأشيرات الإلكترونية لزيارة أوكرانيا بغرض السياحة أو الأعمال التجارية.
تشتهر أوكرانيا بطبيعتها الخلابة وثقافتها العريقة ومعالمها التاريخية المتنوعة والمطاعم والمتاجر الحديثة والمصحات والمنتجعات (وبينها في العاصمة مدينة كييف ومدينة لفيف الواقعة في منطقة الكارباتي الجبالية ومدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود) مما يتيح للسياح السعوديين فرصاً فريدة للاستجمام والترفيه.