ترأس سعادة الأستاذ يوسف بن عبد الله البنيان، رئيس مجلس إدارة الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) ونائب رئيس مجلس إدارة (سابك) الرئيس التنفيذي، منتدى (جيبكا) الحادي عشر، الذي انطلقت أعماله في (دبي)، يوم 28 نوفمبر 2016م، تحت شعار (التنافسية: استثمار التوجهات الجديدة).
وذكر سعادته – في كلمة افتتاح المنتدى – أن بروز أسواق ناشئة ومنافسة جديدة كالسوق الآسيوية يُشكل تحديا لصناعة البتروكيماويات والكيماويات في منطقة الخليج، ويدفعها نحو التغيير لتصبح أكثر كفاءة وقدرة على الابتكار ، باعتبار أن (المنافسة والتحدي والتغيير ) هي المحاور الثلاثة الأساسية التي تمهد الطريق نحو النمو.
وحذر البنيان قادة الصناعة من انخفاض حجم سوق الكيماويات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا مقارنة بغيرها من الأسواق العالمية، مشيراً إلى أن حجم سوق المنطقة يبلغ فقط 44 مليار يورو، فيما يبلغ حجم السوق الآسيوية – باستثناء الصين والهند – 676 مليار يورو، ويبلغ حجم السوق في منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية 500 مليار يورو.
وأوضح البنيان أن صناعات المنطقة تتعرض لتغيرات في أنماط الطلب من قبل الزبائن. ما يؤثر على أعمالها بشكل أسرع من قدرتها على التكيف مع التغيرات الجديدة، ومن ثم فإن أداءها السابق لا يضمن لها تحقيق نتائج مستقبلية مرضية، فالمشهد التنافسي يتحول والأساسيات تتغير، ليس فقط بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، ولكن أيضاً بالنسبة للزبائن. وتناول في هذا الإطار مسألة توافر مواد اللقيم، مشيراً إلى أن عمليات استخراج الغاز الصخري في أمريكا الشمالية غيرت المشهد تماماً في السوق العالمية، فالولايات المتحدة الأمريكية –كانت إلى عهد قريب تبحث عن استيراد الغاز الطبيعي، أما الآن فقد أصبح لديها ما تحتاجه من الغاز الطبيعي دون حاجة إلى الاستيراد، ومع توفر الإيثان من مصادر التنقيب الصخري، نهضت صناعة الإيثيلين هناك بعد ركود استمر طوال العقد الماضي.
وأضاف قائلاً: “إن العالم لا يقف ساكناً، ونحن نواجه منافسين جدداً وتحديات متصاعدة، فالأسواق العالمية تشهد تحولاً كبيراً، ونحن في الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) علينا – في عقدنا الثاني – التأكد من أن دول مجلس التعاون الخليجي لا تتحرك فقط نحو التحول لمواكبة الظروف الجديدة، وإنما العمل أيضاً على قيادة الطريق في هذه الصناعة. نحن بحاجة إلى أن ننظر في ديناميكيات هذه الصناعة على مدى السنوات العشر المقبلة، وإعادة تشكيل استراتيجيتنا وما نقدمه لبعضنا ولزبائننا حول العالم، ولهذا فقد جاء اختيار موضوع اجتماعنا هذا العام بعنوان: “التنافسية: استثمار التوجهات الجديدة”. وأعتقد أننا يمكن أن نستثمر التوجهات الجديدة، وننتقل بهذا القطاع إلى آفاق تنافسية قوية”.
وفي معرض تناوله للمحور الثاني، ذكر الرئيس التنفيذي أن التحدي الأول يتمثل في تحسين قاعدة الأصول الحالية وجعلها تعمل بصورة أكثر كفاءة، فالعديد من المجمعات الصناعية الخليجية تعمل على نحو منفرد دون حد أدنى من الترابط مع بعضها البعض، ما يحد من قدرتها على تحسين الإنتاج إذا شهدت أسعار المنتجات أي تحرك. وعلى سبيل المقارنة ترتبط معظم وحدات التكسير والمصانع المستهلكة في الولايات المتحدة وأوروبا مع بعضها من خلال شبكات الإيثيلين. ما يجعل هذه المنظومة أكثر قدرة على التكيف السريع مع الظروف المتغيرة.
وحث البنيان أطراف صناعة الكيماويات بدول الخليج على بناء قدرة إقليمية، واجتذاب عمليات التصنيع المتقدمة التي تحتاجها المنطقة لتحقيق التحول الإيجابي المنشود، وإيجاد وظائف متقدمة في مجال الصناعات التحويلية، مؤكداً أن إنشاء المزيد من مراكز البحث العلمي والتطوير التقني في دول مجلس التعاون الخليجي يُشكل رافداً فاعلاً في هذا الجانب.
وحول المحور الثالث، أشار البنيان إلى أن صناعات المنطقة تقف أمام ثلاثة خيارات: الأول هو مواصلة العمل بنفس الطريقة التي تعمل بها الآن، ما يمثل طريقاً مسدوداً، حيث تتغير السوق من تحت أقدامها، فإذا واصلت السير بنفس النهج ستكتشف أنها ضلت الطريق. أما الخيار الثاني فهو التوجه نحو التنويع، وهذا يحمل نتائج واعدة، ولكنه يتطلب التفاعل والانخراط مع الزبائن عن قرب، وفهم احتياجاتهم بشكل أفضل لنتمكن من تزويدهم بحلول متميزة ومتخصصة، فمن خلال تقديم منتجات متطورة، وتعزيز القدرة التنافسية في التطبيقات المتخصصة، يمكن تعزيز وتنمية عائدات صناعات المنطقة، وإيجاد هوامش ربحية عالية، فضلاً عن توليد المزيد من الوظائف المتخصصة في مجال الصناعات التحويلية.
وأما الخيار الثالث فهو الاتجاه نحو التكامل وتوحيد الجهود. باعتبار ذلك السبيل الأمثل لتمكين صناعات المنطقة من البقاء والمنافسة في السوق العالمية الناشئة، ويتحقق ذلك بتعزيز التكامل بين أصول تلك الصناعات وتحسين عمل هذه الأصول، فمنظومة التكامل والترابط تكاد تكون مفقودة بين العديد من المنتجين المحليين، الذين يفتقرون لشبكة وأصول عالميتين يمكنهم الاستفادة منها، كما أنهم يفتقرون أيضاً لرأس المال اللازم من أجل ضخ استثمارات كبيرة في مجال التقنية والابتكار، بما يحقق قيمة مضافة عالية لأعمالهم.
وأشاد البنيان بمسيرة الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) الممتدة على مدى عشرة أعوام، مشيراً إلى أن الاتحاد قطع شوطاً طويلاً في تحقيق أهدافه، عبر إنشاء لجان متخصصة لمعالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتنظيم ورش عمل وندوات تتناول المواضيع المهمة. كما أثنى على عطاءات رؤساء وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد في دوراته السابقة، وإسهاماتهم في قيادة مسيرته نحو تحقيق المصالح المشتركة لصناعات المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس إدارة الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) كان قد انتخب البنيان رئيساً له اعتباراً من 22 مايو الماضي. وتعد (سابك) من أبرز الأعضاء المؤسسين للاتحاد، الذي أطلق في مارس 2006م، لهدف رصد ومعالجة وإدارة المصالح المشتركة لأعضائه من خلال استثمار الموارد المتاحة.
وعبر البنيان عن تفاؤله بمستقبل الصناعة في المنطقة وعن ثقته بأن دول الخليج ستتخذ ما يلزم من خطوات لضمان تنافسية هذا القطاع عالمياً.