يمكن القول بأن قطاع العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي قد سلك طريق التعافي بعد عامين صاخبين؛ وذلك بفضل جهود التنويع الاقتصادي للحكومات واستقرار قطاع النفط وارتفاع الاستثمارات الخاصة.
على مدى السنوات العشر الماضية، استمرت المنطقة في التطور الاقتصادي السريع وشهدت تغييرات ديموغرافية يغذيها تضخم تعداد السكان من المغتربين، والذي يبلغ حاليًا قرابة 50٪ من إجمالي سكان دول مجلس التعاون الخليجي.
ووفقًا لتقرير أعدته شركة الماسة كابيتال؛ أدى هذا إلى زيادة الطلب على الوحدات السكنية في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي. واستجابة لهذا الطلب؛ بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة من جانبها في مشروعها التوسعي للسكن ميسور التكلفة لاستيعاب ما يصل إلى 385 ألفًا من المغتربين.
وبغض النظر عن انحدار العائدات في سوق الإسكان في الإمارات العربية المتحدة وانخفاض قيم المعاملات مقارنة بالسنوات السابقة، فإن قطاع العقارات في الإمارات ينضج ويتأهب للنمو على المدى الطويل، نظرًا لتحسن اللوائح وأسس الاقتصاد الكلي المتينة والبنية التحتية عالية التطور.
ويشير تقرير الماسة كابيتال أيضًا إلى أن المنطقة قد أصبحت الآن وجهةً مفضلةً للمستثمرين العالميين، حيث يتموضع قطاعها العقاري كمقياس رئيسي للنمو الاقتصادي في المنطقة. ويبين التقرير إلى أن الزيادة في دخل الفرد تعود أيضًا إلى استقرار القطاع المستمر.
كما يسلط خبراء الماسة كابيتال الضوء على أن قطاع السياحة في المنطقة مهيأ لزيادة التسارع في سوق العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومثَّل سوق العقارات وقطاع الإنشاءات في الإمارات سويًا مسارَ نموِ نسبته 15٪ من إجمالي ناتجها المحلي في عام 2016، بمساهمة فردية بلغت 6٪ و 9٪ على التوالي. كما عزز التقرير الجهود التي تبذلها حكومتا أبو ظبي ودبي بهدف تقليل الاعتماد على النفط وتحسين الاقتصاد واتخاذ قرارات سياسية مواتية.
كما أُشير التقرير إلى دور زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) لما له من تأثير إيجابي على نمو القطاع.
ووفقاً للتقرير؛ تضاعف الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات تقريبًا من 55.3 مليار درهم في عام 2010 إلى 103.1 مليار درهم في عام 2015، وذلك بوجود استثمارات المحفظة الخارجية (FPI) والتي لا تزال تتعافى من التباطؤ الاقتصادي في عام 2009، حيث بلغت 7.7 مليار درهم في عام 2015.
وبخصوص العقارات المكتبية، تفوق عرض المكاتب في دبي على الأسواق الخليجية الأخرى، مسجلًا معدل نمو سنوي مُركب بلغت نسبته 4.5 % خلال الفترة 2012-2017. وشهدت المملكة العربية السعودية أيضًا نموًا معتدلا منذ عام 2012 حيث وصل العرض إلى 4.9 مليون متر مربع في عام 2017.
لا تزال دبي محتفظة حاليًا بأقل معدل للشغور في المكاتب في مجلس التعاون الخليجي بنسبة 8٪ فقط اعتبارًا من 2017. ولكن من ناحية أخرى، لا تزال دبي هي الوجهة التجارية المفضلة على الرغم من كونها الأعلى تكلفة، وتليها مباشرة المملكة العربية السعودية.
وعززت حكومتا الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من جانبيهما خطط الإسكان الميسرة لكل من السكان المحليين والمغتربين.
وكشف تقرير “الماسة كابيتال” أن كبار المطورين في سوق العقارات الإماراتي قد بدأوا في التركيز على قطاع العقارات معقولة الأسعار.
ووفقاً لتقرير “تمويل المنازل في دولة الإمارات العربية المتحدة”، فإن حوالي 60 % من كبار مطوري العقارات في دبي يشاركون الآن في قطاع العقارات معقولة الأسعار، وقد أطلقوا مشاريعًا بأسعار تتراوح بين 400000 درهمًا (109000 دولارًا أمريكيًا) و 700000 درهمًا (190600 دولارًا أمريكيًا).
ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي
ومن ضمن جهود التنويع الاقتصادي والنمو المستدام؛ قررت الحكومات الإقليمية إدخال ضريبة القيمة المضافة في جميع القطاعات. وفيما يختص بدولة الإمارات العربية المتحدة؛ يمكن لضريبة القيمة المضافة أن تولد 12 مليار درهم في عامها الأول و 20 مليار درهم في عامها الثاني؛ وفقًا للتقارير.
تجسد هذه الخطوة بداية إصلاح مالي تاريخي في دول مجلس التعاون الخليجي ومن المرجح أن تزيل جزءً من عبء الاعتماد على عائدات النفط. تُرك تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي للدول الأعضاء؛ وذلك في إطار الاتفاقية التي وقعتها الدول الأعضاء بالمجلس في نوفمبر 2016. في 1 يناير 2018؛ طبقت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ضريبة القيمة المضافة بقيمة قياسية ثابتة قدرها 5 ٪، في حين من المرجح أن تحذو دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى حذوهما قريبًا.
من المتوقع أن يكون لإدخال ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 % في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تأثيره على القوة الشرائية للمستثمرين المحليين وعلى قرارات الاستثمار الخاصة بالمستثمرين الدوليين.
ومن المتوقع أيضًا أن يكون لتطبيق هذه الضريبة القيمة تداعيات على قطاع العقارات، لا سيما مع عقود الإيجار وشراء العقارات، حيث تعتبر تلك العقود إمدادات خاضعة لضريبة القيمة المضافة.
باختصار؛ ستزيد ضريبة القيمة المضافة من تكاليف استئجار العقارات أو امتلاكها، كما من المرجح أن ترتفع أسعار العقارات التجارية وقيمتها بنحو 2-5٪.
في المملكة العربية السعودية، فمن المتوقع أن يكون لقانون ضريبة القيمة المضافة تأثير مؤقت على سوق العقارات. ومع ذلك؛ سيُستشعر الأثر الحقيقي بعد التطبيق الناجح لضريبة القيمة المضافة.
ومن المنتظر أن تجلب ضريبة القيمة المضافة الشفافية في قطاع العقارات بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وبالتالي ستجذب المستثمرين الأجانب جذبًا واسعًا، وتحد من مخاطر زيادة تكلفة الاستثمار.
إدارة المرافق في دول مجلس التعاون الخليجي
سجل قطاع إدارة المرافق في دول مجلس التعاون الخليجي نموًا سريعًا على مر السنين ويرجع ذلك إلى حد كبير بسبب ارتفاع أنشطة البناء، وزيادة الإنفاق على البنية التحتية في المنطقة، بالإضافة إلى صناعة السياحة المتنامية.
ووفقًا لتقرير الماسة كابيتال، أصبحت صناعة إدارة المرافق الإقليمية تنافسية للغاية بسبب دخول اللاعبين الدوليين و ازدياد عدد مقدمي الخدمات المحليين. في عام 2017؛ قُدّرت قيمة سوق إدارة المرافق في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 44.1 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من 67 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022 بعد تسجيل معدل نمو سنوي مركب يبلغ 8.8 %.
لا تزال الإمارات العربية المتحدة صاحبة سوق إدارة المرافق الأكثر تطورًا في المنطقة من حيث الحجم والهيمنة. بقيمة تقدر حوالي 11.7 مليار دولار أمريكي في عام 2017، و يُمثل سوق إدارة المرافق في البلاد المعيار الأساسي لتطبيق إدارة المرافق في المنطقة ويرجع ذلك إلى التطورات الكبيرة في إمارتي دبي وأبوظبي.
وتمتلك المملكة العربية السعودية من جانبها أكبر سوق لخدمات إدارة المرافق في دول مجلس التعاون الخليجي، وهي أيضًا أسرع الأسواق نموًا في المنطقة.
وقُدّرت قيمة سوق خدمات إدارة المرافق في المملكة العربية السعودية بحوالي 24.6 مليار دولار أمريكي في عام 2017، ومن المتوقع أن تصل القيمة إلى حوالي 39.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022 بعد معدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 10٪.
سوق دول مجلس التعاون الخليجي للأمن الإلكتروني
تمثل زيادة عدد التطورات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي حجر الزاوية لزيادة الطلب على حلول الأمن الالكتروني خصوصاً مع استعدادها للتغييرات التحويلية بالعديد من مشاريع المدن الذكية. . فعلى مدى السنوات القليلة الماضية شهدت المنطقة زيادة كبيرة في اعتماد الأمن الإلكتروني، مدفوعة إلى حد كبير بزيادة استثمارات البنية التحتية وكذلك القواعد واللوائح الحكومية، بالإضافة إلى تزايد المخاطر المتوقعة وأخيرًا استضافة العديد من المناسبات الدولية؛ مثل معرض دبي إكسبو 2020 ،الذي أدى إلى نمو زيادة الإنفاق في مجال الأمن الإلكتروني.
وفقًا لفروست وسوليفان، قُيِّم سوق الأمن الإلكتروني في الشرق الأوسط بقيمته 2.6 مليار دولار أمريكي في العام 2017، ومن المتوقع أن يصل إلى 5.6 مليار دولار بحلول العام 2022، بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 16.5% خلال تلك الفترة. وعلى وجه الخصوص؛ تمثل دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة حصة الأسد (76.5 ٪) من سوق الأمن الإلكتروني في المنطقة، بما يُقدر بحوالي 2 مليار دولار أمريكي في عام 2017. تمثل المملكة العربية السعودية (31.4٪) والإمارات العربية المتحدة (24.2٪) السوقين الإقليميين الرئيسيين، وتبلغ قيمتهما 816.4 مليون دولار أمريكي و 629.2 مليون دولار على التوالي. اعتمدت الإمارات سياسه المراقبة الصارمة لحماية الممتلكات والبنية التحتية بسبب المخاوف الأمنية. ومع توقع استقبال حوالي 25 مليون زائر في معرض إكسبو 2020، سيكون الطلب المرتفع على الحلول الأمنية المتطورة مع دمج مبسط للمراقبة بالفيديو والتحكم في الوصول هو الاتجاه الرئيسي الصاعد في المنطقة.
ومن المتوقع أن ينمو السوق بمعدل جيد في المستقبل، حيث سيؤدي تطبيق تقنيات الأمن التجاري المختلفة لجعل البنية التحتية التقليدية والمعتادة أكثر كفاءة واستدامة وأمنًا. ومن المتوقع أن يؤدي تزايد اعتماد التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي (AI) والمراقبة عبر بروتوكولات الإنترنت (IP) وتحليلات الفيديو والتخزين السحابي إلى دفع زخم النمو في السنوات القادمة. ومع تزايد تعقيد المتطلبات الأمنية، من المتوقع أن تكتسب الإدارة المتكاملة والمركزية لأنظمة الأمن على طبقة البرمجيات أهمية إضافية، حيث تُمكن العملاء من إدارة جميع الأنظمة الأمنية على منصة مشتركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخصخصة المتزايدة التي تدفعها خطط التنويع الاقتصادي الحكومية واللوائح الصارمة وزيادة الوعي بين القطاعين العام والخاص حول حماية الممتلكات الشخصية والتجارية ستزيد من الطلب على سوق الأمن الإلكتروني في المنطقة.