أكد كبار المديرون التنفيذيون ورجال الأعمال في المملكة العربية السعودية، وبأغلبية ساحقة، على الأثر الإيجابي والتحويلي لتقنيات الحوسبة السحابية على بيئات الأعمال المختلفة، وفق دراسة حديثة نشرت اليوم.
وأجريت هذه الدراسة من قبل وكالة Think Positive للأبحاث بتكليف من شركة F5 نتوركس الرائدة في تطوير التقنيات الأمنية والسحابية، وتعد واحدة من أبرز الدراسات التي تُشرك كبار صناع القرار على مستوى مجالس الإدارة التنفيذية في المنطقة.
وتعتبر نتائج الدراسة المقياس الأحدث للتوجهات الإقليمية الحالية الخاصة بالحوسبة السحابية، بالاستفادة من آراء 250 من كبار المديرين التنفيذيين وأصحاب الأعمال من دول الخليج العربي، ومصر(1).
في هذا السياق قال ممدوح علام، المدير العام لدى شركة F5 نتوركس في المملكة العربية السعودية: “تمتلك الحوسبة السحابية إمكانات هائلة قادرة على تغيير نماذج عمل الشركات والمؤسسات في دول الخليج بشكل جذري، إذ تظهر نتائج هذه الدراسة الجديدة أنه على الرغم من امتلاك المنطقة الكثير من الفرص لنشر وتوسيع رقعة البيئات السحابية، إلا أن التقدير العام لإمكانيات هذه التكنولوجيا لامست أعلى مستوياتها على الإطلاق. كما ينظر صناع القرار على مستوى المنطقة إلى السحابة بأنها من أولويات الأعمال، فالشركات التي تتبنى مسيرة ابتكار متواصلة وتضع استراتيجية سحابية مستدامة ستتميز وبوتيرة متنامية عن باقي منافسيها، كما أنها ستفي بجميع أهداف الامتثال الصارمة، وستتحلى بقدرة أكبر على المساهمة وبدرجة كبير في إنجاز مشاريع التحول الرئيسية المدعومة من قبل الحكومة”.
تمكين المستقبل
رغم حداثة عهد دول الخليج في تبينها واعتمادها للتقنيات متعددة السحابة مقارنةً بالأسواق الناضجة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبضع أجزاء من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، إلا أنها تشهد قبولاً واسعاً وترقباً كبيراً للإمكانيات التي ستوفرها هذ التكنولوجيا.
وأفاد 100 بالمائة من المدراء التنفيذيين السعوديين أن السحابة قادرة على تحسين معدل الحصة السوقية، والمساهمة في تحقيق الريادة والتفوق على المنافسين؛ في حين صرح 89 بالمائة منهم بأنها تستطيع تعزيز ونشر الوعي حول العلامة التجارية، بينما أثنى 92 بالمائة على قدرتها في تحسين مستوى الابتكار. وقد تم التوصل أيضاً إلى توافق واضح (89 بالمائة من المشاركين) حول القدرات الكامنة للسحابة في مجال تعزيز مستوى تجربة العملاء بشكل عام. ويؤمن 97 بالمائة منهم بأنها من العناصر الرئيسية لمسيرة تحقيق أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030.
كما أشار معظم المشاركين إلى مدى أهمية اللوائح التنظيمية المحلية باعتبارها عنصرا داعما للحوسبة السحابية، حيث أفاد 64 بالمائة من المشاركين بأنهم يتمتعون بنفوذ إيجابي نتيجة هذه اللوائح.
ومن فوائد ومزايا الحوسبة السحابية الأكثر شيوعاً في المملكة العربية السعودية تعزيز كفاءة الأعمال (69 بالمائة من الشركات التي شملتها الدراسة)، تليها مباشرةً خفض التكاليف (58 بالمائة)، والمرونة التشغيلية (58 بالمائة)، وقابلية التوسع (47 بالمائة)، واختصار زمن وصول المنتج إلى السوق (44 بالمائة).
واستناداً لآراء جميع الشركات التي شملتها الدراسة في دول الخليج ومصر، أشار حوالي 35 بالمائة منهم إلى أن مشاريع الهجرة نحو السحابة ستعزز من مسيرة نمو الأعمال بنسبة تتراوح ما بين 25 إلى 50 بالمائة، في حين يتوقع 25 بالمائة أن تعزز من مسيرة نمو الأعمال بنسبة تتراوح ما بين 51 إلى 75 بالمائة، بينما يرى 18 بالمائة إلى أن نسبة النمو ستتراوح ما بين 76 إلى 99 بالمائة. أما أكثر التطبيقات أهميةً، والمستخدمة حالياً في السحابة، فإنها ترتبط بشكل مباشر مع العمليات (57 بالمائة)، والخدمات (47 بالمائة)، والتسويق (43 بالمائة)، والأعمال (40 بالمائة)، والموارد البشرية (28 المائة).
وبحلول العام 2025، أفادت 26 بالمائة من الشركات الخليجية إلى أن 25-50 بالمائة من التطبيقات ستكون مستوطنة ضمن السحابة، بينما أشارت 23 بالمائة منها إلى أن إجمالي التطبيقات السحابية ستتراوح ما بين 51-75 بالمائة، و20 بالمائة منها يرى بأنها ستتراوح ما بين 76-99 بالمائة.
من جهةٍ أخرى، يستعين نصف المستفتيين حالياً بإحدى شركات توريد الخدمات السحابية (45 بالمائة)، ولكن مع ارتفاع مستويات الوعي والإقبال، فإن فوائد ومزايا البيئات متعددة السحابة تفرض نفسها وبسرعة على الساحة. في حين يستعين 20 بالمائة منهم حالياً بـ 2 إلى 6 شركات لتوريد الخدمات السحابية، و3 بالمائة منهم يستعينون بـ 7 إلى 10 شركات لتوريد الخدمات السحابية. وتعتبر شركة غوغل شركة التوريد الأكثر رواجاً بين المستخدمين (43 بالمائة)، تليها شركة مايكروسوفت (25 بالمائة)، بينما يستعين 23 بالمائة من المشاركين بشركات توريد عالمية أخرى دون تحديد هويتها.
التحديات والعقبات
أكبر مصادر القلق المرتبطة بالسحابة بالنسبة للشركات السعودية هو أمن البيانات، حيث أشار 92 بالمائة من المدراء التنفيذيين إلى هذه النقطة باعتبارها مصدر القلق الأول، كما أنها حصدت أعلى المعدلات في جميع المناطق التي شملتها الدراسة (الأقرب إليها مباشرةً في سلطنة عُمان بنسبة 86 بالمائة، ومن ثم مملكة البحرين بنسبة 83 بالمائة، فالإمارات بنسبة 80 بالمائة).
كما سجلت المملكة العربية السعودية أعلى نسبة بين المدراء التنفيذيين الذين صنفوا اختيار وتعيين الموظفين من ذوي المهارات المتعلقة بالسحابة (89 بالمائة) بالرتبة الأولى، ومن مصادر القلق الرئيسية الأخرى تحقيق الاتساق بين السياسات (42 بالمائة)، وسلامة البيانات (25 بالمائة).
ويذكر أن النتائج التي توصلت إليها مؤسسة (Think Positive) للأبحاث تتوافق مع نتائج تقرير حالة تسليم الطلبات الصادر مؤخراً عن شركة F5 نتوركس، الذي أفاد بأن تطبيق سياسات الأمن والحماية المتسقة للتطبيقات هو “الجانب الأكثر تحديًا أو إحباطًا” في مجال إدارة البيئات متعددة السحابة (42 بالمائة من عملاء شركة F5 في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا الذين شملتهم الدراسة).
وهو ما تحدث عنه ممدوح علام قائلاً: “تحظى المملكة العربية السعودية بمكانة تؤهلها جني فوائد ومزايا السحابة بكافة أشكالها، إلى جانب أن حكومات المنطقة تمتلك خططاً طموحة وعالمية المستوى تصبو إلى تغيير أنماط حياة وعمل الناس نحو الأفضل، فضلاً عن استعداد قاعدة ضخمة من شريحة الشباب المتمرسين بالتكنولوجيا الدخول إلى سوق العمل. وكما أوضحت النتائج، هناك إقبالاً كبيراً بين طبقة كبار صناع القرار على استخدام السحابة كقناة لتحقيق النمو السريع والمبتكر”.
واختتم قائلاً: “يتلخص مفتاح عمل ونجاح السحابة في التركيز بشدة على عوائد الاستثمار، حيث يجب أن يؤدي تطبيق استراتيجية بنيوية (هيكلية) سحابية وعالية الكفاءة إلى تعزيز انسيابية الأعمال، وتوفير المرونة اللازمة للتوسع استنادًا على مسيرة تطور تغير التجهيزات، والبرمجيات، والمتطلبات حسب الطلب. وفي الوقت ذاته، يجب أن توفر آليات التحكم والوصول وحماية التطبيقات مستوى الأداء والتوافرية والأمان الأمثل للخدمات. وبالنتيجة، تطبيق المنهجية الصحيحة يتلخص في الاستعانة بالحل الشامل والمتكامل للبيئات متعددة السحابة، الأمر الذي من شأنه تعزيز مسيرة الابتكار، وإضفاء القيمة المستدامة للعملاء”.