تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي الاستفادة من منصات الاقتصاد التشاركي من خلال الاستثمار في الأصول والموارد البشرية الغير مستغلة، وفقاً لدراسة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية ستراتيجي& (بوز أند كومباني سابقا) التابعة لشبكة “بي دبليو سي”. وبحسب دراسة استقصائية للشركة على دول الخليج، أنفق المستهلكون في 2016 ما يعادل 10.7 مليار دولار على منصات الاقتصاد التشاركي، نتج عنه أرباح تقدر بنحو 1.7 مليار دولار لهذه المنصات.
ما هو الاقتصاد التشاركي؟
يعرف الاقتصاد التشاركي على أنه نظام تبادل للسلع والخدمات بشكل مباشر بين الأشخاص من خلال منصات رقمية. وقد حددت ستراتيجي& خمسة قطاعات واعدة من المتوقع أن يكون لها تأثير كبير على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي: السكن والإقامة، النقل، الخدمات المالية، خدمات الأعمال، والخدمات المنزلية.
يقدر الإنفاق السنوي بدول الخليج على الاقتصاد التشاركي في خمسة قطاعات 10.7 مليار دولار
السكن والإقامة 1.29 مليار دولار
النقل 2.97 مليار دولار
خدمات مالية 2.28 مليار دولار
خدمات الأعمال 2.16 مليار دولار
خدمات منزلية 2 مليار دولار
تعد الشركات الناشئة في دول الخليج، مثل كريم (أول شركة ناشئة تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار)، وواش مين، وبي هايف، مثالاً على نموذج الاقتصاد التشاركي، وتزداد شعبية تلك الشركات في جميع أنحاء المنطقة.
قال سيفاج بيبازيان، مسؤول في ستراتيجي& الشرق الأوسط: “بإمكاننا أن نشعر بتأثير الاقتصاد التشاركي على اقتصادات دول الخليج على عدة أصعدة. أولاً، ساهمت منصات الاقتصاد التشاركي باستخدام الأصول الغير مستغلة من خلال تطبيقات منخفضة التكلفة على الأجهزة الخليوية. ثانياً، مرونة إدارة الأعمال التي يقدمها الاقتصاد التشاركي، مواتية لخلق فرص عمل جديدة، لاسيما لجيل الشباب، والفئات الأخرى الغير ناشطة بشكل كبير في سوق العمل، مثل النساء وسكان المناطق الريفية”.
نمو الاقتصاد التشاركي
تساهم عدة عوامل في نمو الاقتصاد التشاركي. فدول الخليج تمتلك شريحة كبيرة من اليد العاملة خاصة من فئة الشباب. تعتمد هذه الشريحة على التكنولوجيا والتمدن بشكل كبير، مما يساهم في توليد كميات ضخمة من البيانات تعزز بدورها الاقتصاد التشاركي. ومن المتوقع أن يزداد حجم البيانات كون تلك الدول تسير حسب الخطط التي رسمتها لإحداث التحول المطلوب، وبسبب النمو الذي يشهده قطاع ريادة الأعمال.
تواجه منصات الاقتصاد التشاركي بعض التحديات رغم التوقعات بنموها. ندرج أبرزها:
1 – عدم ملائمة أو وضوح الهياكل التنظيمية: أي عدم امتلاك نموذج الاقتصاد التشاركي غالباً لسلطة تنظيمية ونظام قانوني واضحين مما يعني أن عمل هذه المنصات يأتي ضمن منطقة غير واضحة قانونياً.
2- عدم ثقة المستهلكين في المنطقة بتلك المنصات، وإبداءهم حذراً تجاه قضايا حماية البيانات والجودة.
3- معارضة المنافسين لاقتحام الاقتصاد التشاركي، لا سيما كونهم يستثمرون بكثافة للحصول على تراخيص عمل.
4- صرامة سياسات العمل، باعتبارها لا تغطي أحياناً سياسة الدوام الجزئي، أو لا تجيز للوافدين العمل لصالح طرف آخر، مما يحد من إمكانيات الاقتصاد التشاركي.
5- محدودية حاجة مواطني دول الخليج إلى الخدمات التي يوفرها الاقتصاد التشاركي، بسبب سهولة الوصول إلى العمالة منخفضة التكاليف، وعند الحاجة غالباً ما يتم الاستعانة بأشخاص من ضمن دائرة العائلة نفسها.
قال سامر بحصلي، شريك في ستراتيجي& ورئيس قطاع الأعمال الرقمية والتقنية بمنطقة الشرق الأوسط: “استغلال الإمكانيات الكاملة للاقتصاد التشاركي، وتجنب آثاره السلبية المحتملة، يتطلب من الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي تبني نهجا مبتكراً يلبي احتياجاتها الاجتماعية والاقتصادية وأهدافها الإنمائية. وسيعتمد ذلك على إمكانية خلق فرص عمل أو مواجهة خطر فقدان الوظائف، والحاجة إلى نمو الاقتصاد الرقمي، وتقبل مفهوم الاقتصاد التشاركي، ومعايير الجودة وغيرها”.
كيف تستطيع دول الخليج تحقيق الاستفادة القصوى من الاقتصاد التشاركي؟
يتوجب على حكومات دول الخليج فور تحديدها لأولوياتها، أن تضع خمسة ركائز أساسية:
ينبغي على كل وزارة مراقبة فعاليات الاقتصاد التشاركي التي تخص مجالها ومعالجة تأثيرات منصاته عليها. وسيساعد أيضاً إقامة لجنة مشتركة بين القطاعات تتولى مهمة التنسيق بين مختلف الوزارات والبلديات والسلطات عبر كافة القطاعات، وهيئات تنظيم الإنترنت بشأن الآثار الأوسع للاقتصاد التشاركي.
وضع أنظمة ولوائح واضحة أمر ضروري لحماية المستهلكين ومقدمي الخدمات، ولضمان المنافسة العادلة في السوق. وينبغي أن تشمل ثلاثة محاور أساسية: متطلبات دخول السوق، المسؤولية القانونية، وحماية كل من المستهلك ومقدم الخدمة.
ينبغي تحديد وتعزيز هياكل العمل الجديدة (إجراءات عمل تخص العمل بدوام جزئي وتغطي المتعاونين). كما قد تحتاج بعض حكومات دول الخليج لإعادة هيكلة نظام الكفالة للعمال الأجانب لتمكين الوافدين من المشاركة في الاقتصاد التشاركي.
يجب على حكومات دول الخليج دمج جميع الجهات الفاعلة في الاقتصاد التشاركي – بما في ذلك الشركات الخارجية العاملة في الأسواق المحلية – ومقدمي الخدمات، في الأنظمة الضريبية الجديدة التي يعتزمون تطبيقها.
جعل منصات الاقتصاد التشاركي أكثر محلية. فإيجاد حلول محلية لمشاكل المنطقة من خلال اتباع نهج يعطي أولوية للقاعدة الشعبية، يعد أمراً أساسيا لنمو هذه الظاهرة في المنطقة. على سبيل المثال، يمكن تصميم منصات السكن والإقامة في المملكة العربية السعودية بما يتناسب مع متطلبات الحجاج والمعتمرين.
من جانبها قالت ميليسا رزق، العضو في مركز الفكر، وهو المركز البحثي في ستراتيجي& الشرق الأوسط: “توقع قسم كبير من المشاركين في استطلاع الرأي زيادة الإنفاق على الخدمات التي يتيحها الاقتصاد التشاركي مستقبلاً، لاسيما في مجالي السكن والإقامة والنقل. وسيكون من المثير بالفعل أن نرى مدى التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تحدث”.