ردت شركة “هواوي” على تصريحات وردت على لسان مسؤولين أمريكيين نشرت في تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” يوم أمس حول إطلاق اتهام مباشر وعلني جديد من المسؤولين الأمريكيين يتبع سلسلة ادعاءاتهم عن قيام “هواوي” بالتجسس باستخدام مايعرف بـ”الأبواب الخلفية” في معدات شبكاتها. وأوضحت “هواوي” بأن ما ذكره التقرير لاجديد فيه، إذ أن “الأبواب الخلفية” الذي ذكرها التقرير ماهي سوى أمر تقني متعارف عليه في صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات باسم “واجهة اعتراض قانونية”، وهي ميزة إلزامية وقانونية يتم تضمينها في أنظمة الاتصالات لأغراض تسهيل عمليات التحقيق الجنائي ويتم توفيرها من قبل مشغلي الاتصالات وليس من خلال الشركات المزودة لحلول الاتصالات وتقنية المعلومات.
وقالت “هواوي” بأن الحكومية الأمريكية تعبث عن عمد بمفاهيم المصطلحات العلمية التقنية المتعارف عليها بشكل واضح بين أوساط المتخصصين في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، وذلك في إطار تصعيد حملتها ضد شركة “هواوي” وزيادة زخم محاولات إقناعها حلفائها لحظر الشركة وحرمانها من فرص العمل على تطوير شبكات الاتصالات، خصوصاً خلال الفترة الحالية من بناء شبكات الجيل الخامس التي نجحت “هواوي” في ريادتها عالمياً.
وذكر بيان “هواوي” أنه في الوقت الذي تصعد فيه الولايات المتحدة من حملتها اتجاه “هواوي” من خلال ادعاءات التجسس، إلا أن الولايات المتحدة ذاتها ثبت أنها كانت تخترق بطريقة سرية شبكات الاتصالات في جميع أنحاء العالم وتتجسس على بلدان أخرى لبعض الوقت، وهذا ما اتضح جلياً من خلال تسريبات سنودن، وأعاد التقرير الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست هذا الأسبوع حول استخدام وكالة الاستخبارات المركزية شركة تشفير للتجسس على بلدان أخرى لعدة عقود، التأكيد على ذلك ووفر دليلاً إضافياً على ماتقوم به وتتهم به الآخرين.
وأوضحت “هواوي” بأن مزاعم الولايات المتحدة حول استخدامها لأجهزة الاعتراض القانوني ليست سوى ستار من الدخان لإخفاء الواقع؛ فالولايات المتحدة لا تلتزم بأي شكل من أشكال المنطق المقبول في مجال الأمن السيبراني، وأن “هواوي” لم ولن تقوم أبداً باختراق شبكات الاتصالات بشكل سري، كما أن الشركة لا تملك فعلياً القدرة على القيام بذلك. ومن الواضح أن صحيفة وول ستريت جورنال تدرك تماماً أن الحكومة الأمريكية لا يمكنها تقديم أي دليل يدعم مزاعمها، ومع ذلك اختارت تكرار الأكاذيب والإدعاءات المتكررة بلا دليل التي ينشرها المسؤولون الأمريكيون، وهذا بالطبع يعكس تحيز صحيفة وول ستريت جورنال ضد شركة “هواوي” ويقوض مصداقيتها.
وذكرت “هواوي” في بيانها بأن دورها كمزود لمعدات الاتصالات يندرج في إطار توفير معدات تتبع المعايير التي تم إرساؤها من قبل المنظمات والجهات الدولية المتخصصة مثل “مشروع شراكة الجيل الثالث” 3GPP/ETSI، تماماً مثلها مثل أي مزود معدات آخر يعمل ضمن الإطار ذاته، وأن الشركة ملتزمة باتباع معايير واجهات الاعتراض القانوني المتعارف عليها والمطبقة على القطاع بأكمله مثل معيار TS 33.107 المفروض من “مشروع شراكة الجيل الثالث” (3GPP) لشبكات الجيل الثالث، ومعيار TS 33.128 لشبكات الجيل الخامس، وهذا يمثل كل صلات “هواوي” فيما يتعلق بواجهة الاعتراض القانوني الذي تم تسليط الضوء عليها من خلال التقرير وأشير إليها مغالطة بـ”الأبواب الخلفية” .
وأكدت “هواوي” على أن واجهات الاعتراض القانوني تخضع إدارتها واستخدامها الفعلي لشركات الاتصالات والهيئات التنظيمية فقط، ولا مسؤولية لشركات تزويد الاتصالات وتقنية المعلومات فيها. ودائماً ما توجد واجهات الاعتراض في أماكن محمية مملوكة لشركة الاتصالات، ويقوم بتشغيلها موظفون يخضعون للفحص والتدقيق الدقيق من قبل الحكومات في البلدان التي يعملون فيها. وتستخدم شركات الاتصالات قواعد صارمة للغاية من أجل تشغيل هذه الواجهات وصيانتها، ولا تقوم “هواوي” بتطوير أو إنتاج أي أجهزة اعتراض أخرى غير تلك القياسية المتعارف عليها في الصناعة.
وكررت “هواوي” تأكيدها على أنها ليست سوى مزود لمعدات الاتصالات، ومن ثم فإن دخولها إلى شبكات العملاء دون إذنهم ودون علمهم يعد أمراً مستحيلاً؛ فليس لديها القدرة على تجاوز شركات الاتصالات والسيطرة على الشبكات والاستيلاء على البيانات دون أن يتم رصدها من قبل كافة جدران الحماية وأنظمة الأمان. وفي الواقع، فإن صحيفة وول ستريت جورنال اعترفت بأن المسؤولين الأميركيين غير قادرين على تقديم أي تفاصيل محددة فيما يتعلق بما يسمى “الأبواب الخلفية”.
وقالت الشركة بأن الأمن السيبراني وحماية خصوصية المستخدمين من أهم أولوياتها، ولكن التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون تتجاهل تماماً الاستثمار الضخم والجهود التي تبذلها شركات الاتصالات وتتعاون معهم “هواوي” بانفتاح كبير في مجال إدارة مخاطر الأمن السيبراني. وأن الشركة مستاءة للغاية من حقيقة أن حكومة الولايات المتحدة لم تدخر أي جهد لتشويه سمتها باستخدام قضايا الأمن السيبراني دون تقديم أي إثباتات تستند لدلائل علمية تقنية ومهنية . وفي حال اكتشفت الولايات المتحدة حقيقة أي انتهاكات من جانب “هواوي”، فإنها تطالب الولايات المتحدة رسمياً الكشف للملأ عن أدلة محددة بدلاً من استخدام وسائل الإعلام لنشر الشائعات ورفع مستوى التضليل بمجرد الإدعاءات.
وكان تقرير “وال ستريت جورنا” قد ذكر بأن المسؤولون الأمريكيون رفضوا تحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة قد رصدت فعلياً استخدام “هواوي” لما يسمى الباب الخلفي في معداتها، كما لم يقدموا أي تفاصيل حول هذا الباب الخلفي المزعوم، باستثناء قولهم إنهم كانوا على علم به منذ رصده في عام 2009 في بدايات تركيب معدات الجيل الرابع.
كذلك فقد ذكر التقرير بان متحدث باسم شركة فودافون جروب بي إل سي بلندن، وهي واحدة من أكبر شركات الاتصالات في العالم في عدد المشتركين قال أنه لا يوجد ما يشير إلى أن أياً من مزودي معدات الاتصالات لديها يستطيع الدخول بطريقة غير مصرح بها إلى شبكاتها العالمية. وأشار إلى أن موظفي الشركة الذين يحملون التصاريح الأمنية هم وحدهم الذين يمكنهم استخدام نظام الاعتراض القانوني. وفي ذات الإطار، قال التقرير أن شركة دويتشه تيليكوم، أكبر شركة اتصالات في ألمانيا، صرحت بأنها غير قلقة بشأن شبكتها في ألمانيا. وقالت الشركة إن نظام إدارة الاعتراض القانوني لديها قد أنشأته إحدى الشركات الألمانية، وأن ذلك كفيل بمنع “هواوي” من الدخول إليه.
الجدير بالذكر أن المملكة المتحدة كانت قد أعلنت خلال الشهر الماضي على موافقتها مواصلة السماح لشركة “هواوي” بتركيب معداتها في أحدث شبكة للجيل الخامس بالمملكة رغم الضغط الشديد الذي مارسته إدارة ترامب للحيلولة دون ذلك. كذلك فقد أصدر الاتحاد الأوروبي من خلال المفوضية الأوربية أيضاً مجموعة من الإرشادات، والتي يشار إليها باسم “صندوق أدوات الجيل الخامس”، سمح بموجبها لشركة “هواوي” بمواصلة المشاركة في نشر شبكات الجيل الخامس في الدول الأوروبية.